للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيَّاها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "على أن تُخلّوا بيننا وبين البيتِ فَنَطوفَ بِهِ". قال سُهيلٌ: والله لا تتحدَّثُ العربُ أنَّا أخذنا ضُغْطَةً، ولكن ذلك من العامِ المُقبِلِ (١)، فقال سُهيلٌ: وعلى أنه لا يأتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ -وإن كان على دينك- إلا رددتَهُ إلينا. قال المسلمون: سبحان اللهِ، كيف يُرَدُّ إلى المشركين وقد جاءَ مُسلمًا؟ فبينما هم كذلك، إذ دخل أبو جندل بن سُهيل بن عمرو يَرْسُفُ في قُيود، قد خرج من أسفل مكةَ حتى رمى بنفسه بين أظهُر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أوَّلُ ما أقاضيك عليه أن ترُدَّهُ إليَّ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لم نقضِ الكتاب بعد". قال: فوالله إذًا لم أصالحك على شيء أبدًا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فأجِزْهُ لي"، قال: ما أنا بمُجِيز ذلك (٢) لك. قال: "بلى فافعَلْ"، قال: ما أنا بِفاعِل. قال مِكْرَزٌ: بلى قد أجزنَاهُ لك. قال أبو جندلٍ: أيْ معشر المُسلمينَ، أُرَدُّ إلى المشركين وقد جِئتُ مسلمًا؟ ألا ترون ما قد لقيتُ؟ وكان قد عُذِّبَ عذابًا شديدًا في اللهِ. قال عمر بن الخطاب: فأتيتُ نَبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقلتُ: ألَسْتَ نَبىَّ الله حقًا؟ قال: "بلى". قلت: ألسنا على الحقِّ وعدونا على الباطل؟ قال: "بلى" قُلتُ: فَلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في ديننا إذًا؟ قال: "إني رسول الله ولستُ أعْصِيهِ، وهو ناصِرِي"، قلت: أو ليس كُنتَ تُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ فنطوفُ بِهِ؟ قالَ: "بلى"، قال: "فأخْبَرتُكَ أنَّا نأتيه العامَ؟ " قلتُ: لا. قالَ: " فإتكَ آتِيهِ ومُطَوِّفٌ بهِ ". قال: فأتيتُ أبا بكرٍ فقلتُ: يا أبا بكرٍ، أليس هذا نبي الله حقًا؟ قال: بلى. قلتُ: ألسنا على الحقِّ وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلتُ: فلم نعطي الدَّنيَّة في ديننا إذا؟ قال: أيها الرجُلُ، إنَهُ رسُولُ الله وليس يَعْصِي رَبَّه، وهو ناصِرُه فاستمسِكْ بغرزِهِ فوالله إِنَهُ على الحَقِّ. قلتُ: أوليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به، قال: بلى.


(١) في البخاري: (فكتب).
(٢) (ذلك): ليست في البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>