للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فأخبرَكَ أنك تأتيهِ العام؟ قلتُ: لا. قال: فإنَّكَ آتيهِ ومُطوِّف بِهِ. قال عمر (١): فعملتُ لذلك أعْمالًا. قال: فلما فرغَ من قضيَّةِ الكتابِ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "قوموا فانحَرُوا ثُمَّ احْلِقوا". قال: فوالله ما قام منهم رجُلٌ حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلمَّا لم يقم منهم أحد دخل على أمِّ سَلَمَةَ فذكر لها ما لقى من النَّاس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحبُّ ذلك؟ اخرُج، ثم لا تُكَلِّم منهم أحدًا حتى تنحر بُدْنَكَ، وتدعو حالِقَك فيحلقك. فخرج فلم يُكَلِّم أحدًا منهم (٢) حتى فعل ذلك: نحر بُدْنَهُ ودعا حالِقَهُ (٣). فلما رأوا ذلك قاموا فَنَحروا، وجَعَلَ بعضهُم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًّا. ثم جاءَهُ نِسوة مؤمناتٌ، فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءَكم المؤمنات مُهاجِراتٍ} حتى بلغ {بعصم الكوافِرِ} فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشِّرك، فتزوَّجَ إحداهما مُعاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أُميَّة، ثم رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينةِ، فجاءه أبو بَصيرٍ رجُلٌ من قريشِ وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجُلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفَعَهُ إلى الرجلينِ، فَخَرجَا بِهِ حتى بلغا ذا الحُليفة، فنزلوا يأكلون من تَمْرٍ لَهُم، فقال أبو بصيرٍ لأحد الرجلين: إني لأرى سيفك هذا جيدًا (٤)، فاستلَّهُ الآخر فقال: أجل والله إنهُ لجيِّدٌ، لقد جرَّبت بِهِ ثم جربتُ (٥) فقال أبو بصير: أرني أنظر إليهِ، فأمْكَنَهُ منه فَضَربَهُ به حتى بَرَدَ، وفرَّ الآخر حتى أتى المدينةَ، فدخَلَ المسجدَ يعدو، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآه: "لقد رأى هذا ذُعْرًا"، فلما انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) في البخاري: (قال الزهري: قال عمر).
(٢) د: منهم أحدًا.
(٣) في البخاري: (ودعا حالقه فحلقه).
(٤) في البخاري: (والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدًا).
(٥) في البخاري: (لقد جربت به ثم جربت به ثم جربت).

<<  <  ج: ص:  >  >>