بَنَى أَحَدَهُمَا ٩ - بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ فَطَلَبَ رَفْعَ بِنَاءَهُ قُسِّمَ، فَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْبَانِي.
١٠ - فِيهَا، وَإِلَّا هُدِمَ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
الشَّرِيكُ الْعِمَارَةَ، يُجْبَرُ هَذَا إذَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمَّا إذَا انْهَدَمَ الْكُلُّ فَصَارَ صَحْرَاءَ لَا يُجْبَرُ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ مُعْسِرًا يُقَالُ لَهُ أَنْفِقْ حَتَّى يَكُونَ لَك دَيْنًا عَلَى الشَّرِيكِ (انْتَهَى) .
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الْحَرْثِ إذَا كَانَ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِيَهُ هَلْ يُجْبَرُ أَمْ لَا؟ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَالْحَرْثُ إذَا كَانَ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِيَهُ يُجْبَرُ، وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي مِنْ الْفَتَاوَى: لَا يُجْبَرُ وَلَكِنْ يُقَالُ لَهُ اسْقِهِ وَأَنْفِقْ ثُمَّ ارْجِعْ فِي حِصَّتِهِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقْت (انْتَهَى) .
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ أَنَّ الْجَبْرَ لَا يَكُونُ بِالرُّجُوعِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ بَلْ بِشَيْءٍ آخَرَ كَالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ مَثَلًا وَقَدْ فَسَّرَ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ تَفْسِيرَ الْجَبْرِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنَّهُ أَمْرُ الْقَاضِي بِأَنْ يُنْفِقَ ثُمَّ يَرْجِعَ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ فَتَأَمَّلْ.
(٨) قَوْلُهُ: بَنَى أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ إلَخْ.
أَقُولُ: بِذَلِكَ أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَالْمُصَنِّفُ تَبَعًا لَهُ.
(٩) قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: هُوَ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ لَا احْتِرَازِيٌّ؛ إذْ هُوَ بِالْبِنَاءِ بِإِذْنِهِ لِنَفْسِهِ مُسْتَعِيرٌ لِحِصَّتِهِ، وَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ مَتَى شَاءَ أَمَّا إذَا بَنَى الشَّرِيكُ فِي الْمُشْتَرَكِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِلشَّرِكَةِ يَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ عَلَيْهِ بِلَا شُبْهَةٍ (١٠) قَوْلُهُ: فِيهَا إلَخْ.
أَقُولُ: هَذَا مِنْ قَبِيلِ وُقُوعِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ جَوَابًا لِلشَّرْطِ وَهُوَ وَاقِعٌ فِي الْفَصِيحِ مِنْ الْكَلَامِ، وَنَقَلَهُ الثِّقَاتُ؛ قَالَ: ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ يُقَالُ: إنْ فَعَلْت فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَفِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ لِابْنِ عَقِيلٍ: وَوَقَعَ فِي الْحَدِيثِ وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ بِهَا جَوَابَ الشَّرْطِ وَمُتَعَلِّقَهُ فِعْلٌ مُقَدَّرٌ؛ وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَقَعُ جَوَابًا مَعَ حَذْفِ حَرْفِ الْفَاءِ ذَكَرَهُ ابْنُ مَالِكٍ فِي التَّوْضِيحِ لِأَلْفَاظِ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ فِي حَدِيثِ «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَالِثٍ، وَإِنْ أَرْبَعَةٌ فَبِخَامِسٍ أَوْ سَادِسٍ» .
فَقُلْت هَذَا الْحَدِيثُ: قَدْ تَضَمَّنَ حَذْفَ فِعْلَيْنِ وَعَامِلَيْ جَرٍّ بَاقٍ عَمَلُهُمَا بَعْدَ إنْ وَبَعْدَ الْبَاءِ، وَهُوَ مِثْلُ مَا حُكِيَ عَنْ يُونُسَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: مَرَرْت بِطَالِحٍ إنْ لَا صَالِحٍ فَطَالِحٍ.
وَالتَّقْدِيرُ إنْ لَا أَمْرُرْ بِصَالِحٍ فَقَدْ مَرَرْت بِطَالِحٍ.
فَحَذَفَ: أَمْرُرْ وَالْبَاءَ وَبَقِيَ عَمَلُهُمَا وَحَذَفَ بَعْدَ الْفَاءِ فَقَدْ