للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ بِظُهُورِ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ إلَّا ذَا قَضَى الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ وَنَفَّذُوا الْوَصِيَّةَ وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاءِ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ

ــ

[غمز عيون البصائر]

وَقَعَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى، وَهِيَ رَجُلٌ لَهُ عُلُوٌّ وَتَحْتَ الْعُلُوِّ سَاحَةٌ لِرَجُلٍ وَفَتَحَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ فِي عُلُوِّهِ كُوَّةً فَمَنَعَهُ صَاحِبُ السَّاحَةِ مِنْ ذَلِكَ فَتَخَاصَمَا فِي ذَلِكَ وَأَجَبْت عَنْهَا بِأَنَّهُ لَوْ فَتَحَ صَاحِبُ الْبِنَاءِ فِي عُلُوِّ بِنَائِهِ بَابًا أَوْ كُوَّةً لَا يَلِي صَاحِبُ السَّاحَةِ مَنْعَهُ بَلْ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ حَتَّى يَسْتُرَ جِهَتَهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ السَّاحَةُ مَجْلِسَ النِّسَاءِ أَمَّا إذَا كَانَتْ مَجْلِسَهُنَّ وَالْكُوَّةُ تُشْرِفُ عَلَى السَّاحَةِ الْمَذْكُورَةِ يُؤْمَرُ صَاحِبُهَا بِسَدِّهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِإِطْلَاقِ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ وَلَمْ يُقَيِّدْ إطْلَاقَهَا بِعِبَارَةِ الْمُضْمَرَاتِ، وَهُوَ إطْلَاقٌ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ، وَهُوَ خَطَأٌ فِي الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَحْرِ.

وَفِي الْعِمَادِيَّةِ: فَإِنْ اتَّخَذَ طَاحُونَةً فِي دَارِهِ لِطَحْنِ بَيْتِهِ لَمْ يَكُنْ لِجَارِهِ مَنْعُهُ؛ لَأَنْ يَكُونَ أَحْيَانَا فَلَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْجِيرَانُ، وَإِنْ اتَّخَذَهَا لِلْأُجْرَةِ يَمْنَعُهُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ دَائِمًا فَيَتَضَرَّرُ بِهِ الْجِيرَانُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَجْنَاسَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ: وَالْحَاصِلُ: أَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانَ يُلْحِقُ ضَرَرًا بِالْغَيْرِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ لَكِنَّ تَرْكَ الْقِيَاسِ فِي مَوَاضِعَ يَتَعَدَّى ضَرَرُ تَصَرُّفِهِ إلَى غَيْرِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا.

وَقَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ: وَفِي حِفْظِي عَنْ أَئِمَّتِنَا الْخَمْسَةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ أَضَرَّ بِجَارِهِ.

وَفِي الْفَتَاوَى عَنْ أُسْتَاذِنَا أَنَّهُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ، وَهُوَ الَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ، وَأَعْتَمِدُهُ وَأُفْتِي بِهِ تَبَعًا لِوَالِدِي شَيْخِ الْإِسْلَامِ.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَأَنَا أَمِيلُ إلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ إذَا كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ (انْتَهَى) .

أَقُولُ: يُفْهَمُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِمِلْكِهِ أَنَّ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى شَخْصٍ لِلسُّكْنَى أَوْ الِاسْتِغْلَالِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا تَصَرُّفَا يَضُرُّ بِجَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ بِهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُرَادُ بِالْمِلْكِ مَا يَعُمُّ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَلْيُحَرَّرْ

(١٢) قَوْلُهُ: تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ بِظُهُورِ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ إلَخْ.

قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ: ظَهَرَ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ بِالثُّلُثِ أَوْ بِأَلْفٍ مُرْسَلَةٍ أَوْ بِوَارِثٍ آخَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ تُرَدُّ وَإِنْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ نُؤَدِّي الدَّيْنَ أَوْ الْوَصِيَّةَ أَوْ حِصَّةَ الْوَارِثِ مِنْ مَالِنَا، وَلَا نَنْقُضُ الْقِسْمَةَ فَفِيمَا إذَا ظَهَرَ غَرِيمٌ أَوْ مُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ بَلْ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ إلَّا إذَا رَضِيَ الْوَارِثُ وَالْمُوصَى لَهُ بِذَلِكَ (انْتَهَى) .

وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>