كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ.
إذَا عَلَّقَهُ بِمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا كَحَيْضِهَا فَالْقَوْلُ لَهَا فِي حَقِّهَا.
وَإِذَا عَلَّقَ عِتْقَهُ بِمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ فَالْقَوْلُ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِ لِلْعَبْدِ: إنْ احْتَلَمْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْحَالِفُ عَنْ الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْيَمِينُ مُوَقَّتَةٌ وَعَلَى مَسْأَلَةِ الْكُوزِ الْمَشْهُورَةِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَمْ تَكُنْ مَسْأَلَةُ الدَّيْنِ دَاخِلَةً تَحْتَ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يُمْكِنَ الْبِرُّ أَصْلًا بِأَنْ كَانَ مُسْتَحِيلًا حَقِيقَةً كَمَسْأَلَةِ الْكُوزِ فَإِنْ شَرِبَ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ حَتَّى لَوْ كَانَ مُمْكِنًا حَقِيقَةً غَيْرَ مُمْكِنٍ عَادَةً كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً وَبَاقِيَةً فِي الْمُوَقَّتَةِ، كَمَسْأَلَةِ الْحَلِفِ لَيَصْعَدَنَّ إلَى السَّمَاءِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مُمْكِنًا حَقِيقَةً انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ وَلَمَّا كَانَ مُسْتَحِيلًا عَادَةً حَنِثَ لِلْحَالِ، كَمَا حَقَّقَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ.
وَفِي مَسْأَلَتَيْ الْبِرِّ مُمْكِنٌ حَقِيقَةً وَعَادَةً مَعَ الِاعْتِبَارِ لِإِمْكَانِ أَنْ يُوهَبَ لَهُ شَيْءٌ أَوْ يُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَوْ يَرِثَ شَيْئًا أَوْ يُبْرِئَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ أَدَاءً سَوَاءٌ كَانَ قَادِرًا أَوْ مُعْسِرًا.
وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا صَاحِبُ الْبَحْرِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ لِلْكَنْزِ خِلَافَهُ اعْتِمَادًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ (انْتَهَى) .
قِيلَ: مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ يُعْكَسُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ: مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ إذَا كَانَ عَدَمِيًّا وَعَجَزَ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ.
فَالْمُخْتَارُ، الْحِنْثُ وَإِنْ كَانَ وُجُودِيًّا أَوْ عَجَزَ فَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْحِنْثِ (انْتَهَى) .
وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يُعْكَسُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ فِي لَيُؤَدِّيَنَّ لَهُ الْيَوْمَ عَدَمِيٌّ وَهُوَ عَدَمُ الْأَدَاءِ لَكِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ إنَّمَا عَجَزَ عَنْ مُبَاشَرَةِ شَرْطِ الْبِرِّ وَهُوَ الْأَدَاءُ وَلَمْ يَعْجِزْ عَنْ عَدَمِ الْأَدَاءِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: إنْ لَمْ أَخْرُجْ الْيَوْمَ فَمُنِعَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ عَدَمِيٌّ وَهُوَ عَدَمُ السُّكْنَى وَالْمُكْثِ فِي الدَّاخِلِ وَقَدْ عَجَزَ عَنْهُ بِمَنْعِهِ مِنْ الْخُرُوجِ فَحَصَلَ مِنْهُ السُّكْنَى وَالْمُكْثُ وَعَجَزَ عَنْ عَدَمِ ذَلِكَ فَيَحْنَثُ فَتَأَمَّلْ.
(٢٦) قَوْلُهُ:
كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ إلَخْ.
أَقُولُ: عَلَّلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ يُتَيَقَّنُ كَذِبُهَا ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ السُّرُورَ مِمَّا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ الطَّلَاقُ بِخَبَرِهَا وَيُقْبَلَ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ وَإِنْ كُنَّا نَتَيَقَّنُ بِكَذِبِهَا.
كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كُنْت تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَك اللَّهُ بِنَارِ جَهَنَّمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: أُحِبُّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَلَوْ أَعْطَاهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ: لَمْ يَسُرَّنِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا طَالَبَتْ الْغِنَى فَلَا يَسُرُّهَا الْأَلْفُ.