للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِفَةُ الْمَالِكِيَّةِ تَزُولُ بِزَوَالِ مِلْكِهِ وَكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا لَا.

ــ

[غمز عيون البصائر]

بِالدُّخُولِ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهَا إنَّمَا حُمِلَتْ عَلَى التَّعْلِيقِ لِقِيَامِهَا مَقَامَ مَعَ. فَالْمُنَاسِبُ إذَنْ ذِكْرُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ (فِي) وَ (مَعَ) ثُمَّ بَيْنَ (مَعَ) وَبَيْنَ الشَّرْطِ. لَكِنَّ اللَّفْظَ إذَا اُسْتُعِيرَ لِغَيْرِهِ يَكُونُ الْعَمَلُ لِلْمُسْتَعَارِ دُونَ الْمُسْتَعَارِ لَهُ عِنْدَنَا، وَالْمُسْتَعَارُ هُنَا كَلِمَةُ (فِي) لَا كَلِمَةُ (مَعَ) فَلِذَلِكَ ذُكِرَتْ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الظَّرْفِ وَالشَّرْطِ. كَذَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْفَخْرِ الْمَشْرُوطِ عَقِبَهُ كَمَا هُوَ حُكْمُ الشَّرْطِ مَعَ الْمَشْرُوطِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ يَقَعُ مَعَهُ كَمَا هُوَ حُكْمُ الْمُضَافِ؛ فَلَوْ قَالَ: وَيُجْعَلُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَظْهَرَ كَمَا لَا يَخْفَى

(٦٥) قَوْلُهُ: صِفَةُ الْمَالِكِيَّةِ تَزُولُ بِزَوَالِ مِلْكِهِ وَكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا لَا. كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ: وَكَوْنُهُ مُشْتَرِيًا كَمَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ.

أَصْلُ هَذَا أَنَّ صِفَةَ كَوْنِ الْإِنْسَانِ مَالِكًا لَا تَبْقَى بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ فِي الْعُرْفِ وَأَنَّ صِفَةَ كَوْنِهِ مُشْتَرِيًا تَبْقَى بَعْدَ زَوَالِ الْمُشْتَرَى إذْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الشِّرَاءِ الْمِلْكُ، كَالْوَكِيلِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي عَبْدًا فَاشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ حَنِثَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنَّمَا اسْتَفَادَ صِفَةَ كَوْنِهِ مُشْتَرِيًا بِفِعْلِهِ، إذْ الشِّرَاءُ يَسْتَدْعِي الْفِعْلَ وَلَا يُمْكِنُ ارْتِفَاعُ فِعْلِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْمُشْتَرَى. أَمَّا الْمَالِكُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَدْعِي الْفِعْلَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمْلِكُ قَهْرًا بِالْمِيرَاثِ فَعُلِمَ أَنَّهُ اسْتَفَادَ صِفَةَ كَوْنِهِ مَالِكًا لِحُصُولِ الْمِلْكِ لَا بِفِعْلِهِ فَإِذَا زَالَ الْمِلْكُ زَالَ مَا بِهِ تَثْبُتُ الصِّفَةُ.

وَفَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالْعُرْفِ أَنَّ الْفَرْعَ الَّذِي يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فِيهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ، فَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الشِّرَاءِ وَالْمِلْكِ، وَمُقْتَضَى الِاسْتِحْسَانِ التَّفْرِقَةُ، وَمُسْتَنَدُهُ الْعُرْفُ وَهُوَ رَجُلٌ قَالَ: إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ مَلَكْت مِائَتِي دِرْهَمٍ هِيَ صَدَقَةٌ. فَشَرْطُ نُزُولِ الْعِتْقِ وَوُجُوبِ الصَّدَقَةِ حُصُولُ الْعَبْدِ كَامِلًا فِي مِلْكِهِ وَوُصُولُ الدَّرَاهِمِ كَامِلَةً فِي مِلْكِهِ فَيَحْنَثُ. فَلَوْ مَلَكَ نِصْفَ عَبْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ مَلَكَ النِّصْفَ الْآخَرَ لَا يَعْتِقُ هَذَا النِّصْفُ وَكَذَا لَوْ مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَأَنْفَقَهَا ثُمَّ مَلَكَ مِائَةً أُخْرَى لَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِهَذِهِ الْمِائَةِ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ فَيَعْتِقَ النِّصْفُ الَّذِي اشْتَرَاهُ ثَانِيًا وَيَتَصَدَّقُ بِالْمِائَةِ الَّتِي مَلَكَهَا ثَانِيًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ مِلْكُ الْعَبْدِ وَالْمِائَتَيْنِ مُطْلَقًا عَنْ قَيْدِ الْكَمَالِ أَيْ الِاجْتِمَاعِ، فَإِذَا مَلَكَ عَبْدًا أَوْ مِائَتَيْنِ، وَلَوْ بِصِفَةِ الِافْتِرَاقِ، فَقَدْ حَصَلَ شَرْطُ الْحِنْثِ كَمَا فِي الْمُعَيَّنِ وَالْمُشْتَرَى.

وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمُطْلَقَ يَتَقَيَّدُ عِنْدَ وُجُودِ دَلِيلِ التَّقْيِيدِ وَالدَّلِيلُ تَارَةً يَكُونُ لَفْظِيًّا وَتَارَةً عُرْفِيًّا، وَالْمُقَيَّدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>