للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[غمز عيون البصائر]

عَلَى أَنَّ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ، إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِ الْخَطِّ حُجَّةً لِلْقَضَاءِ كَمَا قَالُوا فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ وَفِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ بِدُونِ خَصْمٍ هَلْ تَكُونُ حُجَّةَ الْقَضَاءِ؟ وَذُكِرَ أَنَّ الْفَيْصَلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الشَّجَنِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ فَقَضَى بِهِ الْقَاضِي ثُمَّ جَاءَ قَاضٍ آخَرُ يَرَى غَيْرَ ذَلِكَ أَمْضَاهُ.

قَالَ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَبِهِ نَأْخُذُ.

إلَى هُنَا مَا أَجَابَ بِهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ مِنْ النَّقْلِ فَذَكَرَ أَنَّهُ مَا فِي آدَابِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ يَشْهَدُ عَلَى خَطَابِيَّةٍ وَمَنْ تَدَاوَلَهَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُصَنَّفِينَ وَأَكْثَرَ مِنْ الِاحْتِجَاجِ بِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ وَلَوْ نَفَّذَهُ أَلْفُ قَاضٍ.

وَرَدَّهُ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ الْمَسْئُولُ عَنْهَا وَتَمَسُّكُهُ بِهَا بَاطِلٌ. وَوَجْهُ ذَلِكَ بِالنَّقْلِ وَالْجَرْيِ عَلَى الْقَوَاعِدِ وَالِاسْتِظْهَارِ بِالْفُرُوعِ الْمَنْقُولَةِ فِي الْمَذْهَبِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعِبَارَاتِ الْمَنْقُولَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ صَرِيحٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ لَا تَنْفُذُ بَعْدَ تَنْفِيذِ قَاضٍ آخَرَ، بَلْ هِيَ قَاصِرَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَرَهَا إذَا رُفِعَتْ إلَيْهِ نَفَّذَ سَاكِتًا عَنْ حَالِهَا بَعْدَ أَنْ يُنَفِّذَهَا مَنْ يَرَاهَا صَحِيحَةً جَائِزَةً.

وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ، وَعَلَى سَبِيلِ النُّزُولِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مَسْأَلَةَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ السَّادَةِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

وَيَسْتَنِدُ فِي ذَلِكَ إلَى وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْمَفْهُومَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ حُجَّةٌ وَعَدَمُ التَّنْفِيذِ بِخَطِّ أَبِيهِ مَفْهُومُهُ النَّفَاذُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِخَطِّ أَبِيهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تُهْمَةِ الْوَلَدِ بِقَصْدِ تَشْيِيدِ خَطِّ أَبِيهِ وَإِرَادَةِ نَفَاذِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِمَعْنًى ثَابِتٍ بَيْنَ الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَلَا يُقَالُ: إذَا ثَبَتَ فِي الِابْنِ الْعَارِفِ بِخَطِّ أَبِيهِ فَفِي الْغَيْرِ مِنْ بَابِ أَوْلَى لِانْتِفَاءِ مَا ذَكَرْنَا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الشُّمُولَ لَقَالَ: عَلَى خَطِّ غَيْرِهِ. فَيَدْخُلُ الْوَلَدُ فِيهِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا الْقَيْدَ فِي كَلَامِ هَذَا الْإِمَامِ.

لَا يَخْفَى بَلْ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَعْنًى صَحِيحٍ، وَالثَّانِي عَلَى سَبِيلِ النُّزُولِ أَيْضًا. فَهَذَا إنَّمَا لَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ وَشَهَادَةُ الْوَاحِدِ مُجَرَّدَةٌ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ لَا تَكُونُ حُجَّةً لِلْقَضَاءِ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَانَ قَوْلًا مَهْجُورًا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَالثَّالِثُ: الْقَاضِي عَلَى الْخَصْمِ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَا ذَكَرَهُ الْحُسَامُ فِي شَرْحِهِ عَلَى أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ حَيْثُ قَالَ: وَصُورَتُهُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا مَاتَ فَوَجَدَ ابْنُهُ خَطَّ أَبِيهِ فِي صَكٍّ عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُ خَطُّ أَبِيهِ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ بِذَلِكَ الصَّكِّ؛ لِأَنَّ الِابْنَ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ.

لَكِنَّ هَذَا قَوْلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>