٥- التصريح بالضمير: وذلك في قوله: «هم ينشرون» وقد كان يكفي أن يقول ينشرون ولكنه عدل عن ذلك الى التصريح بالضمير لإفادة معنى الخصوصية أولا كأنهم قالوا ليس هنا من يقدر على الإنشار غيرهم وثانيا لتسجيل إلزامهم ادعاء صفات الألوهية لآلهتهم وهذا الادعاء قد أبطله الله في الآية التالية لهذه الآية بدليل التمانع المغترف من بحر هذه الآية وهي «لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا» كما سيوضح في الاعراب، وهذا من جوهر الكلام وخالصه.
٦- المذهب الكلامي: وذلك في قوله «لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا» وذكر ابن المعتز أن الذي سماه هذه التسمية هو الجاحظ والكتاب الكريم مشحون به وتعريفه هو انه احتجاج المتكلم على ما يريد إثباته بحجة تقطع المعاند له على طريقة أرباب الكلام وله طرق متعددة وقد أوصلها الرماني في تفسيره المسمى بالنكت في اعجاز القرآن الى خمسة ضروب ومنها إخراج الكلام مخرج الشك للمبالغة في العدل فملزوم قوله «لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا» انهما ما فسدتا فليس فيهما آلهة إلا الله، وإيضاح ذلك إن دليل التمانع هو انه لو وجد مع الله إله آخر ربما قالوا لو فرضنا وجود إلهين فإما أن يكونا جميعا موصوفين بصفات الكمال اللاتي يندرج فيها القدرة على احياء الموتى وانشارهم وغير ذلك من الممكنات أو لا يتصف بها واحد منهما أو أحدهما دون الآخر وعندئذ تفسد الرعية بتدبير الملكين لما يحدث بينهما من التغالب والتناكر والاختلاف وعن عبد الملك بن مروان حين قتل عمرو بن سعيد الأشدق:«كان والله أعز علي من دم ناظري ولكن لا يجتمع فحلان في شول» وللمتكلمين في طريقة التمانع جولات واسعة تؤخذ في مظانها، وسيرد إيضاحها في باب الفوائد.