الى سفط لها فأخرجت منه بخورا ودهنا وعمدت الى موسى ودعت بمجمرة وقالت له: إن ريحك ريح الإبل وهذا دهن طيب فوضعت البخور تحته وطأطأت كأنها تصلح البخور وأخذت مذاكيره وقطعتها بالموسى ثم أشمته الدهن فسلتت أنفه وأذنيه وتركته فصار مثلا لكل جان على نفسه ومتعد طوره.
وزعيم هذا الباب أبو تمام فقد كان من أهم مميزات شعره استخدامه الحوادث القديمة والحديثة في أماديحه خاصة كقوله يمدح أبا دلف:
إذا افتخرت يوما تميم بقوسها ... وزادت على ما وطّدت من مناقب
فقد ارتقى بمديحه الى ذكر قصة قوس حاجب، وخلاصتها أن حاجب بن زرارة سيد بني تميم أتى الى كسرى في سنة جدب يستميره فقال له كسرى: وما ترهنني؟ قال قوسي، فاستعظمه وقدم له ما طلب، فضرب بقوس حاجب المثل عند العرب ثم كانت وقعة ذي قار وانتصر العرب على العجم لأول مرة وحرروا أرضهم من استعمارهم وكان الفضل يعود الى بني شيبان الذين يمت إليهم الممدوح بالنسبة، فقال أبو تمام منوها بذكر هذه الحادثة.