عرف بيئته هو الظرف، نصح له الأمير أبو العباس محمد أن يتوب عن المجون، فقال له: أما المجون فما كل أحد يقدر أن يمجن وإنما المجون ظرف ولست أبعد فيه عن حد الأدب أو أتجاوز مقداره، أما المعاصي فإني أثق فيها بعفو الله عز وجل وقوله تعالى:
«يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا» وقد تلقف أبو نواس أضاليل المرجئة وقولهم:
«لا يضر مع الإيمان سيئة جلت أو قلت أصلا ولا ينفع مع الشرك حسنة أصلا» فنادى بذلك ويظهر أنه استهواه:
ترى عندنا ما يسخط الله كله ... من العمل المردي الفتى ما خلا الشركا
ثم عدل نظريته بعض الشيء فاكتفى بالقول إن الكبائر لا تسلك صاحبها مع الكفار ولا تحرمه الرجاء بعفو الله وقوله مشهور في ذلك:
تكثر ما استطعت من الخطايا ... فإنك بالغ ربا غفورا
تعض ندامة كفيك مما ... تركت مخافة النار السرورا
ومن ذلك قوله:
يا كبير الذنب عفو الله من ذنبك أكبر على أنه تاب في أخريات عمره، وقد نستشف من أشعاره التي نظمها في تلك السن المشارفة على النهاية صدق توبته، فقال معترفا بتأخيرها بعد فوات حينها:
دبّ فيّ الفناء سفلا وعلوا ... وأراني أموت عضوا فعضوا