رَجَمَ لُوطِيًّا، وَقَالَ: ثَنَا وكيع عَنْ سفيان عَنْ جابر عَنْ مُجَاهِدٍ فِي اللُّوطِيِّ قَالَ: يُرْجُمُ أَحْصَنَ أَوْ لَمْ يُحْصِنْ، وَقَالَ: ثَنَا يزيد، أَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ إبراهيم فِي اللُّوطِيِّ قَالَ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ يُرْجَمُ مَرَّتَيْنِ رُجِمَ هَذَا. وَقَالَ: ثَنَا عبد الأعلى عَنْ سعيد عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عبيد الله بن عبد الله بن معمر فِي اللُّوطِيِّ قَالَ: عَلَيْهِ الرَّجْمُ قِتْلَةَ قَوْمِ لُوطٍ. وَقَالَ: ثَنَا عبد الأعلى، عَنْ سعيد، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جابر بن زيد قَالَ: حُرْمَةُ الدُّبُرِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْفَرْجِ، قَالَ قَتَادَةُ: نَحْنُ نَحْمِلُهُ عَلَى الرَّجْمِ.
فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا شَوَاهِدُ لِتَقْوِيَةِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَيْفَ يَعْتَمِدُ مولى يحيى وأبي داود وَالنَّسَائِيِّ فِي ضَعْفِ رَاوِيهِ لَوِ انْفَرَدَ، وَقَدْ وَثَّقَهُ رُؤُوسُ الْأَئِمَّةِ مالك وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ الَّذِينَ هُمْ مُقَدَّمُونَ عَلَى كُلِّ حَافِظٍ فِي عَصْرِهِمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَخَرَّجُوا لَهُ فِي الْأُصُولِ، وَقَدْ قَالَ الذهبي فِي الْمَوْعِظَةِ: مَنْ أَخْرَجَ لَهُ الشَّيْخَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا احْتَجَّا بِهِ فِي الْأُصُولِ، وَثَانِيهِمَا: مَنْ خَرَّجَا لَهُ مُتَابَعَةً وَشَهَادَةً وَاعْتِبَارًا، فَمَنِ احْتَجَّا بِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُوَثَّقْ وَلَا غُمِزَ: فَهُوَ ثِقَةٌ حَدِيثُهُ قَوِيٌّ، وَمَنِ احْتَجَّا بِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَتَكَلَّمَ فِيهِ: فَتَارَةً يَكُونُ الْكَلَامُ [تَعَنُّتًا وَالْجُمْهُورُ عَلَى تَوْثِيقِهِ ; فَهَذَا حَدِيثُهُ قَوِيٌّ أَيْضًا، وَتَارَةً يَكُونُ الْكَلَامُ] فِي تَلْيِينِهِ وَحِفْظِهِ لَهُ اعْتِبَارٌ ; فَهَذَا حَدِيثُهُ لَا يَنْحَطُّ عَنْ مَرْتَبَةِ الْحَسَنِ الَّذِي قَدْ يُسَمِّيهَا مِنْ أَدْنَى دَرَجَاتِ الصَّحِيحِ، فَمَا فِي الْكِتَابَيْنِ بِحَمْدِ اللَّهِ رَجُلٌ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ أَوْ مُسْلِمٌ فِي الْأُصُولِ وَرِوَايَاتُهُ ضَعِيفَةٌ بَلْ حَسَنَةٌ أَوْ صَحِيحَةٌ، وَمَنْ خَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ أَوْ مُسْلِمٌ فِي الشَّوَاهِدِ وَالْمُتَابَعَاتِ فَفِيهِمْ مَنْ فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ وَفِي تَوْثِيقِهِ تَرَدُّدٌ، فَكُلُّ مَنْ خَرَّجَ لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَقَدْ قَفَزَ الْقَنْطَرَةَ فَلَا مَعْدِلَ لَهُ إِلَّا بِبُرْهَانٍ بَيِّنٍ، نَعَمْ، الصَّحِيحُ مَرَاتِبُ وَالثِّقَاتُ طَبَقَاتٌ، انْتَهَى كَلَامُ الذهبي فِي الْمَوْعِظَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمِيزَانِ أَنَّ عمرو بن أبي عمر خَرَّجَ حَدِيثَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي الْأُصُولِ فَكَيْفَ يُحْكَمُ عَلَى حَدِيثِهِ هَذَا بِالضَّعْفِ كَمَا تَرَاهُ فِي كَلَامِ الذهبي، هَذَا وَهُوَ لَمْ يَنْفَرِدْ بَلْ لَهُ مُتَابِعُونَ عَنْ عكرمة وَلِحَدِيثِهِ شَوَاهِدُ مِنْ رِوَايَةِ عِدَّةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَلِهَذَا صَحَّحَهُ مَنْ صَحَّحَهُ مِنَ الْحُفَّاظِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى تَضْعِيفِ مَنْ ضَعَّفَ رَاوِيَهُ وَاحْتَاجَ الحاكم إِلَى إِيرَادِ شَاهِدٍ لَهُ ; لِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِ عمرو أَنْ يَكُونَ حَدِيثُهُ حَسَنًا فَيَحْتَاجُ إِلَى شَاهِدٍ يُرَقِّيهِ إِلَى دَرَجَةِ الصِّحَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute