للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ الْخِلْقَةُ فَاسْتَغْنَى عَنْ إِنْذَارِهِمْ فِيهِ، وَلَمَّا وَقَعَ مِنْ إِبْلِيسَ وَكَانَ مِنْهُمْ أَوْ فِيهِمْ نَظِيرُ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ أُنْذِرُوا فِيهَا. نَعَمْ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أُخْرَى بِسَبَبِهِمْ لَكِنَّهَا مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ لَا الْإِنْذَارِ الْمَحْضِ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨] أَخْرَجَ ابن المنذر عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: ٢٦] قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: هَلَكَ أَهْلُ الْأَرْضِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: ١٨٥] قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: هَلَكَ كُلُّ نَفْسٍ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨] قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: هَلَكَ أَهْلُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ.

الدَّلِيلُ الثَّانِي: مَا أَخْرَجَهُ عبد الرزاق فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عكرمة قَالَ: صُفُوفُ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلَى صُفُوفِ أَهْلِ السَّمَاءِ فَإِذَا وَافَقَ آمِينَ فِي الْأَرْضِ آمِينَ فِي السَّمَاءِ غُفِرَ لِلْعَبْدِ، هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ فِي السَّمَاءِ تُصَلِّي بِصَلَاةِ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَيُرَشِّحُهُ مَا أَخْرَجَهُ مالك، وَالشَّافِعِيُّ، وأحمد، وَالْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .

وَأَخْرَجَ أبو يعلى فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَالَ الْإِمَامُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] ، قَالَ الَّذِينَ خَلْفَهُ: آمِينَ، الْتَقَتْ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَأَهْلِ الْأَرْضِ آمِينَ غَفَرَ اللَّهُ لِلْعَبْدِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالُوا: وَكَيْفَ تَصُّفُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ» .

وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّفُّ الْأَوَّلُ عَلَى مِثْلِ الْمَلَائِكَةِ» .

الدَّلِيلُ الثَّالِثُ: مَا أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حَيَّانَ فِي كِتَابِ الْعَظَمَةِ مِنْ طَرِيقِ الليث، قَالَ: حَدَّثَنِي خالد عَنْ سعيد قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ إِسْرَافِيلَ مُؤَذِّنَ أَهْلِ السَّمَاءِ يَسْمَعُ تَأْذِينَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَمَنْ فِي الْأَرَضِينَ إِلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ بِهِمْ عَظِيمُ الْمَلَائِكَةِ يُصَلِّي بِهِمْ، قَالَ: وَبَلَغَنَا أَنَّ مِيكَائِيلَ يَؤُمُّ الْمَلَائِكَةَ فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَذِّنُونَ آذَانَنَا وَيُصَلُّونَ صَلَاتَنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>