كان له فضل وأدب وزهد ونسك. وروى الحديث قال ذلك: أخوه أبو مروان وذكر أنه توفي: سنة إحدى وأربع مئة. وكان مولده سنة سبعٍ وسبعين وثلاث مائة.
عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطين بن أصبغ بن فطيس بن سليمان واسم فطيس بن سليمان عثمان. وفطيس لقب له واسم في ولده، كذا ذكر أبو عمر ابن عبد البر قاضي الجماعة بقرطبة، يكنى: أبا المطرف.
روى عن أبي جعفر أحمد بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي الحسن الأنطاكي المقرىء، وأبي زكرياء بن عائذ، وأبي محمد بن عبد الله بن القاسم القلعي، وأبي محمد الباجي، وأبي محمد الأصيلي، وأبي القاسم خلف بن القاسم، وأبي عيسى الليثي، وأبي محمد بن عبد المؤمن، ورشيد بن محمد وغيرهم كثير.
وكتب إليه من أهل المشرق: أبو يعقوب بن الدخيل من مكة، وأبو الحسن ابن رشيق من مصر، وأبو القاسم الجوهري وغيرهما. وكتب إليه من أهل بغداذ: أبو الطيب أحمد بن سليمان الحريري، وأبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، وأبو بكر الأبهري.
وكتب إليه من أهل القيروان: أبو محمد بن أبي زيد الفقيه، وأبو أحمد بن نصر الداودي وغيرهما. وحدث عن جماعة كثيرة سوى من تقدم ذكره من رجال الأندلس ومن القادمين عليها. سمع الحديث منهم وكتبه عنهم، وتكرر عليهم، ووالي الاختلاف إليهم. وكان: من جهابذة المحدثين، وكبار العلماء والمسندين. حافظا للحديث وعلله، منسوبا إلى فهمه وإتقانه، عارفا بأسماء رجاله ونقلته، يبصر المعدلين منهم والمجرحين، وله مشاركة في سائر العلوم، وتقدم في معرفة الآثار والسير والأخبار وعناية كاملة بتقييد السنن والأحاديث المشهورة والحكايات المسندة، جامعا لها، مجتهدا في سماعها وروايتها. وكان حسن الخط، جيد الضبط، جمع من الكتب في أنواع العلم ما لم يجمعه أحدٌ من أهل عصره بالأندلس مع سعة الرواية والحفظ والدراية. وكان يملي الحديث من حفظه في مسجده، ومستمل بين يديه على ما يفعله كبار المحدثين بالمشرق والناس يكتبون عنه.