قال الراوي فتعجبت غاية الجب من هذه المصادفات الغربية وبينما انا متفكر في هذه المسائل العجيبة واذا بفتاة اقبلت علينا وقد وقفت امامنا باهية وعيناها وغرورغتان بالدموع
وعليها اثر جمال قد تغشى باصفرار فقلت لها ايتها الفتاة ما الذي صيرك في هذه الحالة الشنعآء وما انت فيه من الشقاء والعناء اخبريني بقصتك وسبب نكبتك فتنهدت وقالت
اعلم ياسيدي اني كنت في نعمة وسعة عيش وصفو اوقات ربما لم ينل بعضها الا القليل من الناس فما هي الا بعض سنين مضت حتى اصبحت كما تراني اتكفف الناس طلباً للقوت فقلت لها وقد ذاب قلبي اسى من عباراتها وتصدع فوادي من تضعضع حالتها اجلسي واخبريني بما كان فابتدأت تقول
اني بنت السيد فلان الفلاني نشأت في عز وخير وتربيت في هنا وسرور لايطاء قدمي الا البساط ولااجلس الا على الحرير ولا انام الا على ريش النعام وكان تحت امري خدم وحشم وما من شيء اطلبه الا ويحضر في اسرع وقت وما زلت في هذا النعيم بين ابي وامي وما كنت ازداد الا رفاهية وتنعما حتى توفى والدي الى رحمة الله وترك من المتاع والاموال والعقار مال لايحصى وقبل موته اوصى على صاحباً لهُ كان بعهد فيه العفة والامانة فاستحوذ على الاموال والاملاك وصار هو الوكيل المتصرف في كل احوالنا وامورنا ولم يكن من تبعة والدي الا انا ووالدتي فمكثنا مدة في سعة المعيشة تصرف بلا حساب والوكيل يحسب علينا غير ملتفت الينا ان صرفنا ماية جنينه حسبها علينا الفاً وان قبض من ربع الاملاك الفاً يحسبها ماية وهكذا حتى حضر عندنا مع جملة من الناس بعد عامين ومعه دفاتر واوراق وجلسوا يحسبون ويكتبون وبعد ذلك دعونا ليعرضوا علينا الحساب والاقرار منا عليه بحضور الشهود الذين احضرهم فاوض ان الذي استولى عليه كذا وربع الاملاك تحصل منه كذا فاتضح ان المال كله صرف مع ما تحصل من ربع الاملاك ومطلوب للوكيل نحو الف جنيه نظير تصليحات اجرها من طرفه للاملاك ورغب استحصاله على ذلك المبلغ منا او بيع جانب من الاملاك لسداد حقه مع استمرار الصرف علينا وبما اتنا اجهل من بعضنا ولا ندري في الدنيا شيئاً سوى الاكل المنتظم والملابس الحسنة والاواني الفاخرة وما اشبه ذلك صادقنا لهُ على حسابه واخبرناه بانه يفعل ما يريد فانه هو الوكيل المتصرف فاشهد علينا الحاضرين بذلك وانصرفوا ثم بعد سنة حضر مع اصحابه وارى ان الاملاك لم يبق منها سوى البيت الذي نحن فيه وبيت اخر ومطلوب لهُ مبلغ جسيم مع ان البيت الباقي خلاف الذي نحن فيه لا توازي قيمته