افتوني في نفوس ان سمعت الموعظة ضلت وان رات الحق نفرت وان ادعت التنور اظلمت الكون باباطيلها وان قيدت الى الخير جحت وان منعت من الشر رمحت وان اغضبت رضيت وان ارضيت بطرت وان سمعت تقبيح فعل من مهذب رمته به وان روت عنه جميلا ادعته لها وان ارشدها مقتته وان مدحها قذفته وان صحبها استاءته وان اثنى عليها شتمته وان خدمها اهانته وان نصحها لعنته اظنكم اذا ابتليتم بمثلها قصفتم الاقلام وكسرتم المحاير ولطحنتم باب العلوم بالحداد وادعيتم الخرس حتى لاتكلفون اجابتها وتعاميم حتى لاتبصرون هيولاها واحتجبتم حتى لاتقع اقدامكم على اثرها في الطريق. واراكم تهزون الروس اتكاراً علي زاعمين ان الوجود مطهر من مثل هذه النفوس الخبيثة
مهلاً سادتي فاني اخبر عن النفوس كمنت في جلد الانسانية فقضى عليها النظر بالاحساس وهي لاتشعر بسهام الجهالة وانتم تعلمون ان الانسان اذا لم يهذب صغيراً مات كبيراً وان كان سميعاً بصيراً فقولوا ماشئتم فيمن حرم من التهذيب واصبح لايعرف الا ذاته وما تتمتع به من الملاذ والشهوات ولا تغرنكم هيئة ملبس ثمين ولاجسم ضخم ولا مال كثير فكم حمار لهُ برذعة لو بيعت لاشترت ثياباً كثيرة ولا تخرجه عن طور البهيمة وكم حيوان ضخم لابالف الانسان وان نظره افترسه وكم معدن ملئ بالذهب والفضة وهو يوطاه بالنعال. على ان من وقفت معارفه على احسان هيئتة وتكثير ملاذه اجنبي من الانسان بعيد من التهذيب
فلو جعلتم مداد الجرائد ذهباً وورقها فضة ووضعتم في عنوانها (حلية الانسان الادب) لوضعوها في بودقة كبريائهم على نار جهالتهم ونفخوا عليها بحب ذاتهم وقطروها من اغراضهم الذاتية واستخلصوا الذهب والفضة من هذا العنوان الذي يخرجهم عن طورهم البهيمي ويدعوهم الى التساوي فانهم يرون ان الفقراء خلقوا لخدمتهم ومدحهم وان الله فرض عليهم حب الاغنياء وتعظيم ذوي الهيئات وان كانوا من المجرمين لايحسنون الظن بفقير ولا يسمعون منه كلاماً وان كان غنياً عنهم ولا يعترفون لهُ بفضل وان كان عالماً لما جبلوا عليه من عداوة الفقراء وما تخيله اليهم افكارهم الفاسدة من احتياج الناس اليهم
ويزعمون انهم في نعمة تحمد وان الله ماخصهم بالقصور العالية والدواب الفارهة والامتعة الكثيرة الا وهم عنده من المقربين وما دروا انهم في غفلة الاستدراج ولاهم يعلمون
وان كرهتم سماع هذه الاوصاف لسابقة علمكم بها ووقوفكم على مي يحدثه الجهل من