للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

- ١٢٩ -

واخلاقها فهم يعاشرون كل انسان بما يناسبه ويالفه فلم يبق الا بعض البدو الذين يسكنون البادية في الخيوش وهولاء اذا اجتمع مهم رجلان يخيشين واقاما في جبل ورزق احدهما بنتاً والثاني غلاماً وارادا زواجهما عند كبرهما فانهما يصنعان لهما خيشاً ثالثاً قبل الزفاف لما تراه العرب من العيب القبيح اذا اجتمع رجلان وامراة في بيت او بالعكس فهل في متوحشي الانكليز من يهتدي لهذا العمل العظيم ويرى اجتماع رجلين بامرأتيهما في محل واحد قبيحا

فقال الانكليزي لابد وان ويوجد

فقال العربي مهلاً انا كنت في لندرة سنة ٦٠ ورايت رجلاً صاحب معمل (فابريقة) وضع عدداً كثيراً من عمال المعمل في بيت بحيث صار في كل قاعة اربعة رجال بعائلاتهم ونسائهم بلا حواجز بينهم فهل هذا هو التمدن المضاد لتوحشنا

فقال الانكليزي لايعمل هذا العمل الا الفقراء الذين لايقدرون على استئجار بيت على انفراده

فقال العربي لكننا لانرى هذا عند فقرائنا ولا اغنيائنا فاجدركم ان تتمدنوا بما عندنا من الآداب

[عادة شرقية]

من المعتاد بين رجال الشرق انه اذا تخاصم اثنان وتشاجرا وجدا في الحال من يصلح بينهما ويقطع الحاصل بحيث يعودان للاخاء والصفاء كأن لم يكن بينهما ادنى نزاع ولا شقاق

وعادة الغربيين (الاورباوين) اذا تشاجر اثنان اعلن احدهما الاخر بالبراز الدويل) وعينا نوعاً من السلاح ووقتاً يقتل فيه احدهما صاحبه او يخرجه واقبح براز براز الدولة المتمدنة العظيمة (امريقا) فانه عند اتفاق الخصمين على البراز يحضر احد رجال الحكومة ويربط عينيهما بحيث لا يبصران شيئاً ثم يضع آله نارية (ليفرفير) جهة اليمين واخرى جهة اليسار ويضع في احداهما رصاصاً وكبسوناً ويرفع زناده وفم العيار في فمه فيموت صاحب الرصاص وينجو الاخر وان كان هو الجاني. فاي تمدن بعد هذه الافعال التي تأباها الطباع. نعم ان هذه العادة كانت في الشرق قبل وجود الممالك والشرائع ووضع القوانين ثم نسخت كأن لم تكن فما بال الغربيين لا يقلدوننا في تركها كما قلدونا في فعلها ايام جاهليتنا الاولى عل ان عادة جاهليتنا كانت المبارزة بالسيف او الرمح على ظهر الخيل او الارض فلا يتمكن احد من رفيقه الا بالشجاعة وايقان الرمى او الضرب لا ان تربط عيناه ويعطى لهُ قاطع اجله يزدرده كما يزدرد الشراب ثم بعد هذا كله نحن المتوحشون وهم المتمدنون ولا نقدر على دفع الدعو في لاستحساننا كل ما اتوا به وان كدن قبيحاً في الواقع ونفس الامر