للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

- ٢٢ -

بالجمعيات وصرف ثلث وقت الطفل في تعلم اللغة والوطنية وتهذيب الاخلاق وحفظه من معلم اجنبي يغرس في طبيعته الساذجة حب بلاده ويحسن لافكاره الخالية طباع اهل جلدته واذا تمت هذه المبادئ رابت لبلادك نشأة جديدة خلقا بديعاً وعلمت بما تراه من جمع الكلمة وسر وحدة التعليم وانتظام الهيئة الاجتماعية ان اضاعة اللغة تسليم للذات

[جرايد الاخبار]

مدارس الافكار

والمعهد وذمته. والشرف وحرمته. ان قلمي في خدمته لمن الصادقين ولساني في اخباره من الناصحين ناشدتك الحق ياشقيق الانسانية الا ما تانيت على خادم افكارك حتى يفرغ من حديثه وان شئت انبت او احبيت فانك في الاولى تحمد العاقبة فتندم على اهمال المبادى وفي الثانية تمدحك المبادي وتعشقك النهايات فان اكتفيت بالاشارة تركتني اعاني غير هذا الموضوع وان ابيت الا الشرح تفكها لا جهلا فما دعوت الا سميعا ولا امرت الا مطيعا. كانت نشأة الجرايد في اوروبا كنشأة زراعة القطن عندنا ووجه الشبه ان القطن عندما امرنا بزراعته كنا نزرعه ورجال الحكومة خلفنا بالكرباج ثم كنا نقلعه بعد ذهابهم ونحرث الارض لغيره فما زالت الحكومة تعالج رجالنا معالجة المريض حتى ارتنا الثمرة فالفناه وعشقناه واجتهدنا في خدمته حتى صار معدن ثروتنا كذلك الجرائد التي كانت توزعها كتابها بلا مقابل فتلقى في الطرقات والمحافل ولا تقراه فلما عجزت ارباب الاقلام في تفهم فنون السياسة خذت تذم الاخلاق الفاسدة وتمدح اخلاق المهذبين فتورط المهذب وصار يطالع الجرائد وتحرك الغبي فصار يتصفحها لينظر مايقال في امثاله فصارت قرأتها من الفروض العينية بل من معدات الحياة. فلما رات الكتاب ان جوائدها نفذت في الامم وتعلقت بها الافكار انقسمت قسمين قسم يهذب بضرب الامثال وسبك الوقائع في قوالب مألوفة. وقسم يؤدب بنقل الاخبار وتفسير الافكار فارتفع شأنها وعظم قدرها واشتدت سطوتها حتى صارت لسان الامم ثم ترقت الى درجة كانت فيها الامرة بالصلح المثيرة للحرب القاضية بالحكم فما نسمع الا قولهم من رأي جرائد ايتاليا في مسألة كذا وكذا ومن رأي جرائد فرنسا كذا. وهذا حد لم تبلغه الجرائد بنفسها بل بقرائها الباحثين في فصولها فانها انما تتكلم بلسان امة او طائفة من امة. اراك تعترض وتقول ان جرائدنا ليست في قوة التكلم رويدا فاننا الذين حجرنا عليها افكارها بما ابتلينا به من التهور وعدم التبصر في العواقب فاننا لو علمنا اننا في مهد من التهذيب وحضانة الاداب لوقفنا عند حدودنا وحصرنا افكارنا فيما يزيد ثروتنا ويقوي سطوتنا وتركنا تشويش الاذهان وتكدير الخواطر خلف ظهورنا واشتغلنا