من المشاركين وان احتفل الاغنياء كان من المتوسطين وان ولد له احسن التربية وفضل العلم على الجهالة واخرج ولده عالماً عاملاً تفتخر به الامة وتعمر به الديار وئتسع به دائرة لمعارف
ولست الزمك بسياحة البلاد ولا اقامة فيها ولا توليك التعليم بنفسك وانما ارجوك ان تجعل نصيحتك للفلاح كلما رأيته (علم ولدك) فان طلب منك شرحاً فاقرأ عليه اخبار امريقا بلسان يفهمه وحوداث فرنسا بعبارة يعقلها وصور لهُ التقدم في صور لاتبعد عن ادراكه وفهمه مقدار النعمة وموجبات الثروة ووسائط القوة وثمرة العمار وان اجهادي عليه مدار حفظ الوطن والنفس والجنس ليكون اول ساع الى الانتظام في سلك الجندية الذي علم بالثمرة المترتبة عليه بعد ان كان منه نفوراً فانك ان فعلت هذا وتبعك كل معامل لفلاح او سائح في البلاد او قاطن فيها من العقلاء انبعث في الفلاح روح جديدة وجد في الطلب التقدم وجاهد في احسان زراعته ونمو حاله وظهر في الوجود انساناً يحفظ لهُ تاريخ كباقي العقلاء
ومتى تمت هذه المبادئ وسرى هذا السر في اهلينا اصبحت الديار رياض نزهة وحصن حماية ودار نعيم اما اذا اقتصرنا على ترفه اهل المدن وسب الفلاح بالجهالة وحرمانه من
كل ما ينبه الفكر او يعلي الذكر يتنا امنين واصبحنا خائفين فان الغريب يتجول في البلاد ويسكنها ويحسن للفلاح اتباعه ويريه عداوة جنسه ويغريه على نهب اخيه وعصيان سيده ليفسد اخلاقه ويزيده على الجهالة كراهة الجنس وغض الوطن وان بقينا في اهمالنا وتغافلنا وسريت ايها المتمدن في مدينتك تتنزة في العربية وتسهر مع الامراء وتفتخر بصحبة الخواجات ومسامرة الظرفاء وتركت الفلاح في المنحدر الذي هو فيه سقط في الحضيض وعز عليك الوصول اليه واصبح الوطن يناديك لاانت انت ولا المثيل مثيل
[سلطنة التخريف]
ماكنت اظن ان الجهالة تبلغ من الرجال هذ المبلغ القبيح وتنزلهم الى درجة لا يرضاها البهيم فقد رأيت عجباً عجاباً وهو ان الناس مزدحمون في محطة دسوق ازدحاماً غريباً هذا يضرب ذاك وذاك يدفع ذا وذا يرمي الاخر ومن وقع داسوه ومن وقف ضربوه ومن تانى تمزق ثوبه والعيون شاخصة متجهة لنقطة واحدة والطريق متتابعة السير والازدحام وكم في وسطهم من تاجر فقد فلوسه وامرأة مس شرفها وعظيم اهين وشيخ ضرب وطفل بكي وبنت صاحت وما من احد يلتفت لهذه المصائب ولا يفكر في شيء مما يناله من الصك وتمزيق الثياب وضياع النعال وسماع البكاء واهانة المطر وحين تحت الاقدام والكل في ضجة عظيمة وارتفاع اصوات هائل فحرت في نفسي اذ رأيت ما لم اره في بلادنا فان اعظم ما رأيته