ايها المتقلب في فراش الافكار المتخط في طريق الحياة رسمت بين عينيك صورة آمالك وقصرت في البحث عن الوسائل الموصلة اليها واو رجعت لافكارك ودرت بها في تاريخ المتقدمين وسيرة المتأخرين لوقفت على ما به وصلوا لامالهم ونجحوا في مقاصدهم فانهم كما رسموا صورة الآمال كتبوا تحتها (خمود اعتدال تهور) ثم نظروا في المراتب الثلاث فوجدوا الخمود يميت الفكر ويعدم الذكر وينزل باصحاب الهمم العالية الى حضيض الذل ووهدة الخسف ويطمع الجبان في الشجاع ويسلط الاحمق على الحليم ويجعل المقتصد كي الطامع ويفتح للمحتالين بواباً لولا الخمود ما اهتدوا اليها ولو عرفوها ماقدروا على فتحها فعدلوا عنه وكتبوا تحته ليس مع الخمود شرف ثم نزلوا المرتبة الثانية ونظروا في الثالثة فرأوها اأضرمن الاول لكونها تحمل على الاخطار وتبعث النفوس على عدم التبصر واخذ الامور بما تظهره ثورة العصب رشدة الطمش وهذا مما يقضي على صاحبه بضياع آماله وفوات مقصده فانه يغبن بظنه ربحاً ويغدر بما يراه نصيحة ويكون عرضة لتوجه الافكار ونفرة النفوس ونظام الاجتماع الانساني يقضي بوحدة الاتحاد واعطاء الامور حقوقها ويلزم بجمع الافكار وتطبيقها على بقية افكار امثالهم ومحدثات الخوارق الزمانيه وهذا النظام ليس في سجلات التهور ولا تناقلته اهله فقضت التجارب بضياع الخامد وتلف المتهور ولهذا عدل عن المرتبتين ولشؤمهما وعدم مناسبتهما للاجتماع الانساني وكتبوا تحت التهور ليس مع التهور نجاح
ثم نظروا في المرتبة الوسطى الاعتدال فرأوها محل الاناءه ومركز التدبر ومرجع النجاح لكونها تحبب القريب وتعشق الغريب وتكف الاذى وتمنع التعدي وتحفظ نظام الاجتماع حفظاً لايحمله اختلاف الاجناس ولا يضره تباين المعتقدات ولا يشينه تباعد البلاد فأن الحقوق محفوظه والدماء محقونه والثقة قويه والمحبه متبادله وكل يرجع لصالحه بعد فراغه من تاكيد علابق المحبة مع مواطنه وتثبيت وسال الانس مع نزيله وتهيئة الامن لمجتاز ارضه وعندما قاسوا راحت الاعتدال بما عانوه من ذل الخمود وعناء التهور التزموه ومالوا اليه واتخذوه الوسيلة العظمى لتحصيل ثمرة حياتهم واظهار ثروة بلادهم وتقوية بأس امهم وتأييد سطوة حكوماتهم وجعلوه حصن المانع للأعداء والقوة الدافعة لقتالين والحجه الدامغة للمتلونين والعنوان الدال على شرف الامه والاسم الجامع للكلمه
ولبرهان الدال على صدق النيه وسلامة المقصد فانهم اعتدلوا والاعتدال طريق النجاح
فيا ايها الانسان لاتنظر لراحة الخمود فأنها متلفة للاموال مضيعة للحقوق ومن مال اليه كان في حياته كدودة الحجر تقضي حياتها وتومت ولا يعلم بها احد من العالمين