ما هي التجارة البائرة اهي وارد انكلترة ام بضاعة باريس ام المصنوعات الهند ام مشغولات الصين ام حاصلات مصر ليست واحدة من هذه وانما هي الذهب او الدر يتجر فيه الوطني فتنظره عيون اهله وتقول لو باعته الاوربويون لاشتريناه منهم ولكنه في يد امثالنا واهل بلادنا ثم يتركونه حتى يتجر فيه الاجنبي متهجم عليه الاهالي وتاخذه باغلى الاسعار. ولا اذكر لك تجار القماش والمشغولات والصنائع فقد علمنا انها ماتت موته لاحياة بعدها وانما اقص عليك خبر الفقراء الضعفاء واعني بهم العطارين فقد كما نظن ان تبقى بايدينا اصناف المصطكى والشيبة والفاسوخ والليف واو كبير وبعض الاصناف القليلة الجدوى ولكن لاستحكام الغفلة على عقولنا تقبيح تجارنا اخذ البقالون في استحضار هذه الاصناف وبيعها فترى في البلد ثلاثين دكاناً من الوطنيين يقضون النهار يسبحون ويهالون وبعضهم يفتح المصحف صباحاً فلا يشغله عنه شاغل حتى يناديه موذن الظهر ثم ينام فلا يوقظه الا موذن العصر ثم يجلس يصلي على النبي حتى يوافيه الغروب. وترى دكاناً واحداً لقال فيه جميع اصناف البقالة والعطارة حتى يهرجان العروسة وصاحبه طول النهار على قدمه يزن ويربط ويلف ويقبض والناس في ازدحام على بابه والكل يناديه (شهلني ياخواجا)
فيا بني الاوطان بل يا اعداءها اما آن لكم ان تفيقوا من هذه لسكرة التي حولت ثروتكم الى الغريب والبست تجاركم ثياب الفقر والذلة اما آن لكم ان ترجعوا احوال الامم وتواريخها لتعلموا بماذا تقدمت وبماذا تاخرت هلا رجعتم لاخوانكم الذين ساحوا اوروبا واقاموا فيها حيناً وسالتموهم عن معاملة الغريب فيها ومركزه بين اهلها. من منكم يمكنه فتح دكان في بلاد الانكليز وهي لاتمكن الغريب من ذلك. من منكم يرى فئة مصرية في كمرك باريس تتلقى البضائع المصرية كما نجد الالوف من الاجانب تتلقى الملايين من الطرود الواردة من بلادهم. ايرى الرجل منكم انه اذا فتح دكاناً في باريس في غير معرضها يشتري منه احد الفرنسيس شيئاً ولو لم يجده عند اهل بلاده. الا ترون الامم في بلادنا تلتئم ولا تشتري مهمانها الا من جنسها الا ترون الاجنبي اذا احتاج لاي صانع استحضر ابناء جنسه ولا يستعمل الوطني الا في نزح الكنيف او حمل الزبالة. ما الذي بقى في ايدينا من التجارة هذه اسكندرية كان فيها قوم مخصوصون بتجارة الجوخ والمال فاتورة وقوم لتجارة الفواكه