المسمى (إزريس) وزوجته القمر المسماة (إزيس) وأخاها عطارد المسمى (هرمس) آلهة اخترعوا أصول الشرائع والفنون والعلوم وهذا من زعمهم ألوهية كل من اخترع أمراً غريباً كأرباب التصانيف العجيبة وهو أكبر سبب دعاهم لعبادة الأوثان وهي صور المخترعين.
(التبكيت) لا ننكر على المتقدمين ما كانوا يزعمون فقد كان الوجود فارغاً من العلوم خالياً من المعارف وكان الناس في همجية متمكنة وفطرة ساذجة لا يهتدون بها إلا إلى المآكل والمشارب وضروريات الإنسان أما وقد صرنا في زمن اتصلت فيه الممالك وكثر اختلاط المم ببعضها وانتشرت فيه المعارف فإنا نعجب من بقاء الخرافات والاعتقادات الفاسدة بعد وضوح الحق ووجود السنة الشرائع تتلو علينا من حكمها ما تتنور به الألباب غير أننا نوجه الآمال إلى حسن المستقبل وسعادة الأمة بالاجتهاد في تعميم التعليم حتى تذهب الخرافات ذهاب أمس.
وأول ملوك مصر (ظناً لا تحقيقاً) منيس المسمى مصرايم وكان حكمه في أعلى مراتب الأحكام فخراً وكان وجوده في تخت مصر قبل مولد عيسى عليه الصلاة والسلام بألفين وثلثمائة وثمان وأربعين سنة تقريباً وبعد مضي مدته تغلب على مصر ملوك من رعاة العرب بعد حروب كثيرة واستمروا بها عدة قرون مجهولة وأخيراً ظهر على كرسي المملكة الملك سزستريس الشهير بالفتوحات واختراع القوانين حتى قيل أن ملكه امتد إلى الهند وإلى تراس وبلاد الروملي وتاريخ مصر بالتحقيق لم يعلم إلا قبل ميلاد المسيح عليه السلام بستمائة وسبعين سنة عندما فتح ملكها ابزمبتكوس أبوابها للغرباء واختلط المصريون باليونانيين.
عربيٌّ تفرنج
ولد لأحد الفلاحين ولدٌ فسماه زعيط وتركه يلعب في التراب وينام في الوحل حتى صار يقدر على تسريح الجاموسة فسرّحه مع البهائم إلى الغيط يسوق الساقية ويحوّل الماء وكان يعطيه كل يوم أربع حندويلات وأربعة أمخاخ بصل وفي العيد كان يقدّم له اليخنى ليمتعه بأكل اللحم بالبصل وبينما هو يسوق الساقية وأبوه جالس عنده مرّ بهما أحد التجار فقال لأبيه لو أرسلتَ ابنك إلى المدرسة لتعلَّم وصار إنساناً فأخذه وسلمه إلى المدرسة فلما أتمَّ العلوم الابتدائية أرسلته الحكومة إلى أوروبا لتعلم فنٍّ عينته له فبعد أربع سنين ركب الوابور وجاء عائداً إلى بلاده فمن فرح أبيه حضر إلى إسكندرية ووقف برصيف الجمرك ينتظره فلما خرج من الفلوكة قرب أبوه ليحتضنه ويقبله شأن الوالد المحب لولده فدفعه في صدره وجرت بينهما هذه العبارة:
زعيط: سبحان الله عندكم يا مسلمين مسألة الحضن دي قبيحة جداً.