حمد لله تعالى فاتحة كل كتاب والصلاة على أنبيائه منهج ذوي الألباب
[أيها الناطق بالضاد]
أتقدم بين يديك بخدمة وطنية دعاني إليها حبي فيك وخوفي عليك وما هي بالعظيمة فتشكر ولا بالبليغة فتمدح وإنما هي صحيفة أدبية تهذيبية تتلو عليك حكماً وآداباً ومواعظ وفوائد ومضحكات بعبارة سهلة لا يحتقرها العالم ولا يحتاج معها الجاهل إلى تفسير تصور لك الوقائع والحوادث في صور ترتاح إليها النفوس وتميل. ويخبرك ظاهرها المستهجن بأن باطنها له معانٍ مألوفة وينبهك نقابها الخَلق بأن تحته جمالاً يعش وحسناً تذهب الأرواح في طلبه هجوها تنكيت ومدحها تبكيت ليست منمقة بمجاز واستعارات ولا مزخرفة بتورية واستخدام ولا مفتخرة برقة قلم محررها وفخامة لفظه وبلاغة عبارته ولا معربة عن غزارة علمه وتوقد ذكائه ولكنها أحاديث تعودنا عليها ولغة ألفنا المسامرة بها لا تلجئك إلى قاموس الفيروزأبادي ولا تلزمك مراجعة التاريخ ولا نظر الجغرافيا ولا تضطرك لترجمان يعبر لك عن موضوعها ولا شيخ يفسر لك معانيها فهي في مجلسك كصاحب يكلمك بما تعلم وفي بيتك كخادم يطلب منك ما تقدر عليه ونديم يسامرك بما تحب وتهوى فاجعل لها نصيباً من عمرك الجليل ومتعها بنظرة تجلو مرآتها وتبصر خباياها ولا تفوق سهام الرد قبل أن تدخل معها المضمار ولا تنكر عليها ما تحدثك به قبل أن تطبقه على أحوالنا ولا تظن مضحكاتها هزءاً بنا ولا سخرية بأعمالنا فما هي إلا نفثات صدور وزفرات يصعدها مقابلة حاضرنا بماضينا فإن صدقت في الخدمة فأجري منك المساعدة وإن قصرت فقد بلغت جهدي وصرفت ما في إمكاني فإن شئت عذرت وإن شئت أطلقت عنان أفكارك في ميدان يكبو فيه جوادي.
ولسنا بدار الحرب أو أرض فتنة ... ولكن لنا في العالمين نظير
سهروا الليالي فاستراحوا دهوراً وما بلغوا مقام العزة بلهو ولا لعب ولا إفساد ولا خروج عن حدود الإنسانية وإنما نظروا إلى الإنسان فرأوه فعالاً ما اضطر أو اضَّطر وقد اضطرهم تقدم الأمم إلى النظر فيما يعظم ثروتهم ويؤيد حكومتهم ويعلي كلمتهم ويظهر وطنيتهم فما تركوا خفياً إلا أظهروه ولا مجهولاً إلا علموه ولا مشكلاً إلا حلوه ولا معمى إلا فسروه فأتوا غرقى في بحار الخشونة والخرافات وأصبحوا في سفن السياحة يعبرون بها
بحار الوجود لمباح يملكونه ومهدر يختلسونه وتجارة يوسعونها وأمة يسوسونها وأنت أنت تفخر بعزة الإباء وتمرح في أرض اتسع غامرها وقل عامرها وضعفت حجابها وفتحت أبوابها فهي كدار الضيافة يقابل فيها القادم بالسلام والترحاب ويتمتع فيها الضيف بكرم لا يدخل تحت حساب مع تعظيم يجل عن مقامه واحترام لا يبلغه في أشراف قومه إن غضب ترضيناه بتقبيل الأيدي والأقدام وإن فحش