ما للزمان يرينا من تقلبه ... عجائباً كلها فينا اضاليل
بعث الينا بعض اصدقائنا بكتاب يخبرنا به عن واقعة حال جرت بينه وبين احد اصحابه فرأيت ان احيط قراء صحيفة التنكيت بها علماً لعلي ارى منهم كتابة في شأنها وهي:
بينما هم جالسون على بساط الائتناس يتجاذبون اطراف الحديث فيتكلمون تارة في الاداب وتارة في الاحوال الحاضرة وكؤوس المحاضرات تدور بينهم حتى وصلوا الى نقل غرائب المذاهب فقال احدهم كل ما تدعون ليس بشيء فقد سمعت ما ها اغرب وذلك انه قيل بجواز تزويج المرأة اربعة رجال معاً كما جاز تزويج الرجل باربع نساء فانكروا عليه ذلك ولم يتمكنوا من معارضته بسبب ضعف معارفهم فلم يجدوا بدا من السؤال عن الحقيقة فتكفل لهم صديقنا بان يستفهم ويفيدهم فكتب الي بذلك فعلمت انه لا يخلو اما ان يكون المتكلم بهذه الاكذوبة من الذين افسد الحشيش فكرهم واتلفت السطل مخهم فتكلم بها غير عاقل وما يعقلها الا العالمون
واما ان يكون قاصداً اضلال من بصحبة لتتبعه في اباطيله امة تتبعها امة كلما دخلت امة لعنت اختها
واما ان يكون من القوم المذبذبين بين الاديان لا الى هولاء ولا الى هولاء لكون شب على اباطيل امة وخزعبلات ابية ومن شب على شيء شاب عليه
ولكنه يدعي التمدن فلا يمشي الا مختالا بين قومه جانحاً الى الترفه البارد فترى اصعب يوم عليه يرى اقل منه درجة في المكسب يسلم عليه
فبئس الرجل رجل فقد التهذيب صغيراً فوقع في شرك الغفلة كبيراً وضل عن طريق الهداية باتباع الاضاليل التي حرمته لذة العلوم فاذاً لا اعتراض على قوم يصرفون اوقاتهم في التفكير فيما ينفقونه على اولادهم وبيوتهم اذا رأيناهم ذاهلين عما يقدمهم ويجعل لهم حظاً وافراً عن الادراك ومع ذلك فانا نرى مثل هذا الغبي يستحق ان يتلقى عنهم دروس التهذيب
فماذا عسى ان نلتمسه له من الاعذار وقد توفرت له اسباب الحصول على المعارف فان الكتب موجودة وباثمان كادت ان تكون ثمن الكواغد ان لم نقل ان العلماء ايدهم الله لا زالوا
يدعون الى المعارف في كل وقت ليخرجوا الامة من فناء الجهل الى عالم العلم
فيا ايها الجاهلون ما هذا التقاعد والتقاعس بعد ان علمتم ان فيكم قابلية التعليم فندما لكم تجعلون الاباطيل احاديثكم والخرافات آدابكم والاكاذيب ادلتكم الم تعلموا ان هذا هو عصر الانسانية والتنور بشموس المعارف ومثقال ذرة من الجهل او التخريف يظهر فيه كالشمس في