بالعلوم والمعارف وما حصلتها الا بالجد في اجتناء ثمراتها من علمائها الذين اظهروا لها الواجب فعله وتركه فكان من لوازم التعليم أخلاء العقل مما عساه ان يضر به كصم الآذان عن سماع النصائح وكإتباع التخاريف والعادات القبيحة فإنها ما حلت ببلدة او مدينة الا أخرجت منها التمدن بإبعاد العلوم فأصبحت خاوية على عرشها وباتت مقاماً للأجنبي فيأتيها لا يملك نقيراً ويتركها وهو أغنى من قارون بينما أهلها يتقلبون على مجامر الهوان وما ظلمهم الغريب ولكن كانوا أنفسهم يظلمون اذا ماتوا ها باختيار التخاريف دينهم والجهالة علمهم فخسروا ثروتهم وهم لا يشعرون فيا ايها الوطنيون لم لا تجدون في السعي خلف المعارف وقد ظهرت لكم ثمراتها لتضارعوا باقي الأمم في التمدن الذي لا يكون الا باجتناب الخرافات التي بعضها وهو السواد الأعظم عاكف عليها ولا سميا النساء فقد حدثني بعض من أثق به بتخريفه جرت بمنزلة لا بأس بإتحاف حضرات قراء جريدة التنكيت والتبكيت بها لأنها لا تجد من الفائدة وما هي بمعناها
قال بينما كان بمنزلي في أحد الأيام بعض من النساء واذا بجارية سوداء دخلت عليهن ومعها امرأتان منتبعتها فقام النساء إجلالا لها وأجلستها في صدر مجلسهن وبعد تناول الطعام بقليل ابتدأت المرأتان تغنيان وتطبلان (وذلك على مسمع مني) فأخذت الجارية في اللأنتفاض ثم قامت من وسط المجلس وصاحت بصوت مزعج (السلام عليكم) فأجابها كل من في المجلس (وعليكم السلام سيدنا الشيخ) ثم صارت كل واحدة تحييه بتحية غير الأخرى قالت اخداهن شرفتنا وقالت الثانية حلت البركة وتبعهما الكل على ذلك بمثل هذه الألفاظ ثم دخلت امرأة من الجيران وحيت الشيخ بما حي من قبلها وبعد ذلك قالت بينما كنت جالسة في بيتي وإذا بهاتف ينادي قومي الى دار فلانة فالحمد لله اذاريتك يا سيدي الشيخ ربنا يجعلنا في بركاتك فقامت تلك السوداء (الشيخ) وهن حامدات شاكرات فسألتها أحداهن عما نفعله لابنها وأخبرتها بأنه قد يحصل له تشنج عصبي فيرتبط لسانه عن الكلام (ويتخشب جسمه) فأجابتها الجارية بأنه لا خوف عليه من ذلك فانه وقع على عتبة باب في
الظلام فقام الخادم ونفخ في وجهه نفخة كانت هي السبب في مرضه ثم قالت لها ابحثي على ديك وفرخه سوداء من غير إشارة وهاتي شيئاً من أثره وأنا أبيت له وأسترضي أخته فيرجع أحسن مما كان عليه فقالت لها أم الولد أن أباه جاء له بطبيب بارع وهو يعالجه فدمدمت السوداء وقالت مالكم وللأطباء هذا شئ يغضبنا وأظهرت الغضب