للجنسية فان قواعد البحث مختلفة المصادر ولكل امة باعتبار لغتها فيها نصيب على اني لست من السائرين خلف الاغراض وانما انظر للانسان من حيث النوعية في الاختلاط المعاشي ومن حيث الوطنية في الاجتماع العصبي وقد قدمت ثماني كلمات من الحكم وهي اما مختلفة بالوضع او الاعتبارات او متفقة بالوضع او بالمال فنتكلم عليها بطريق المزح محققين معنى كل كلمه وما قامت وما دلت عليه وهذا يقضي علي بتقسيم البحث الى فصول. الاول في تحصيل ملكة اللغة وقيامها بالعضو او قيام العضو بها وانفعال الاجسام بمدارك اللغة. الثاني في اظهار سقطات المناقشه وما خرج. عن الموضوع الثالث في تسوية المسئلة بين المنتاقشين وحفظ النقوس من عوارض النفوس وهذا يلزم بطول الشرح ولكن صدر الجريده لا يسعه فنحن نجتهد في الايجاز ما نقدمه فصلاً بعد فصل حتى ناتي على اخر الفصول ان شاء الله غير اني التمس الصفح من القراء والمتناقشين عما يرونه من القصور او ركاكة فاني في تيار الرحلة اكتب ما اقدر عليه من التصور بلا مراجعه ولا مذاكرة مع حكماه واختلاف الاماكن وكثرة التنقل مع الاشتغال بالاخوان على اختلاف عباراتهم وتحرير غير البحث من اوراق الصحيفه كل ذلك يسهل العفو ويحقق لي الرجاء فتشتيت الفكر في هذه الحاله لايخفى على من تعود على الخروج للنزهه لا لمعانة الاصفار
الفصل الاول في تحصيل اللغه وقيامها بالعضو او قيام العضو بها الخ
قرر العلماء والفلاسفه والطبيعيون ان للانسان مدارك جسمانيه ومداراك روحانيه فانه مركب من جزء جسماني وجزء روحاني ومداركه لحسب مركباته غير ان المدرك لحوادث الجزئين هو الروحاني وانما يختلف باختلاف الوسائل فان كان المدرك جسمانياً ادركه بواسطة القوة الدماغيه والحواس الجمانيه وان كان روحانياً ادركه بنفسه من غير واسطه وهذه المدركات عند حصولها تندفع قواها المعنويه الى اللسان فيترجم عنها بما يقتضيه مقام الشعور من الفاظ فرح او حزن او ارهاب واستعطاف او غير ذلك ولهذا المعنى الدقيق اشار زهير العربي بقوله لسان الفتى نصف ونصف فواده. ولا يقوم اللسان بخدمة الجسم الروحاني وترجمة مدركاته الا بتمرينه على الكلام وتكرار المسموعات وتعود على النطق
بالألفاظ الداله على المعاني واشتغاله بها حتى تصير اللغه ملكه في هذا العضو المعبر عن الانسان ماهو ولهذا المعنى اشار ابن خلدون المغربي بقوله اللغه ملكه صناعيه متقررة في العضو الفاعل لها ولايتمكن الطفل من هذه الملكه الا اذا قررت اليه اصول اللغه ومشتقاتها ومنع من تناول لغة اخرى حتى تصير الاولى ملكه سليمه من العوارض كما كانت عليه العرب الاولى فان استعمالهم اللغة على اصولها وتداولها بينهم غير ممتزجة باخرى