لجنسه قدراً. وكم في المولد من عجائب وغرائب تراها من الذين لم يتهذبوا صغاراً سواء كانوا من اولاد عمد البلاد ووجوه البنادر والامراء ولقد رأيت ازدحاماً عظيما امام قهوة الصباغ الحشاش يسمعون بنتاً تغني على الألات وكانوا فوق الخمسمائة من الرجال فقام احد الاروام من قهوة اخرى واخذ عصا ونزل على رؤسهم وارجلهم واكتافهم فجرى الكل امامه ولم يلتفت اليه احد فبكيت وحرمه الشرف على امة تمكن منها الجبن والجهل حتى ساقهم رجل وبطح الكثير منهم وهم يسعون امامه كالاغنام وما فيهم من يدافع عن نفسه او يسأل عن السبب او يقبض على هذا الذي جعل هذا الامر حالة يتسلي بها طول الليل كلما اجتمعوا بددهم واهانهم وهو في قهقهة على عقول المضربين. لا اقول الجميع ففي وسطنا الالوف من المؤدبين المهذبين ولكن السواد الاعظم في جهالة عمياء وتخريف افسد العقول. فعلى من توجه اللوم على الاغنياء فانهم راوا فساد اخلاق الفقراء بعدم التربية وعموم الجهالة بعدم التعليم ولا كانت تتحرك غيرتهم لافتتاح مكاتب يعلمون فيها الفقراء ليكون لهم الاثر المخلد في بلادهم وقد حفت الاقلام من التحرير في هذا الخصوص ولكنه باق على حاله. واما المعلمون فانهم اقتصروا على تحفيظ الاطفال بعض القواعد والعمليات ولم يجتهدوا في احداثدرس تهذيبي به يعرف التلميذقدر نفسه وحق لغته ووطنه ودتنه وواجب الوجود من حيث العمار والسير مع الاجناس المختلفة وبعضهم يرى ان التعليم سهل اذ هو عبارة عن التلقين وما دري من ادارة السياسة فان السياسي يخاطب عاقلا وهذا يعلم بهيما لينقله الى الانسانية والاخلاق الطاهرة.
وقد تساهلت الحكومة في عدم تربية الشبان الذين فسدت اخلاقهم وخرجوا لا يميلون الا الى اللهو واللعب ولو القت القبض على بعضهم وادبته ونشرت خبره وحجرت عليه بمعرفة والده او قيمة واكثرت من العيون على هؤلاء الخارجين عن حد الانسانية لحفظت كثيرا من المفاسد في بلادها فان فساد اخلاق الامة وضياع اموالها مضر بهيئتها ومصلحتها اما فساد الاخلاق فانه مفسد لاعمال الادارات فاننا نضطر لاستخدام بعض الشبان في الاعمال الجسيمة وان بقي بهذا الخلق اساء السيرة وعدل عن الحق وجهل قدر الوطن وشرف
الحكومة وجعل سعيه خلف اغراضه فيسهل عليه اخذ الرشوة وضياع الحقوق حتى يحصل على ما به تحصل لذاته الحيوانية. واما ضياع الاموال فانه محول لثروة معدم للشفقة يعلم ذلك من يرى الرهونات الجسيمة في البنوكة كالعقاري وغيه فان بعض العمد واولاد الامراء يستسهل الرهن لاجل طويل وما دري انه عدم اطيانه واملاكه وهو لا يشعر. فلو جعلت الحكومة قانوناً نظامياً لسير الناس عليه في الاداب