للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- ٢٥٣ -

ابو العينين. وهذا لا يرضى به احد فقلت له ماذا اقول لك غير هذا فقال قل شد الحصان يا ولد هات القلة يا طورامش اطلع برا ياحمار وهكذا مثل بقية الذوات فعلمت ان ارجل فسدت اخلاقه بسوء معاملة السيد وما اوصله لدرجة الرضا بالسب والقذف الا ظلم الامراء وعدم معاملتهم الخدم بالرفق والاحسان وقلت له انت مثلي ولا يليق بي ان اعاملك بغير الانسانية فقال (انسانية ايه يا سيدي القاضي نفسه لام ينادي واحد رسول يقول ياولد والباشا من دول يشتم ويلعن واذا كان الواحد نايم يصحيه بالجزمة وان تعاملني زي ابنك والا اخوك ودا ما يصحش ياسيدي) فقلت لا حولة ولا قوة الا بالله متى تصلح الاوطان ويعمها التهذيب ويعرف كل انسان حقه والواجب عليه

وعينيك ما اتم سعادته حديثه حتى صرت اتحرك تحرك المتململ من الالم متأسفا على فساد اخلاق اهلنا وخروج بعض المتفرجين عن حدود الانسانية التي عرفها هذا الامير المهذب ولقد ذكرت بهذه الحكاية اخلاقاً حدثت في بلادنا بالمظالم والتعذيب بغير ذنب منها وجود بعض شبان او شيوخ في مكان يتحدثون بامر سياسي وعيونهم ترمق المارين وقلوبهم ترجف خوفاً من الجاسوس المسمى (بالبصاص) وربما تكلمت مع احدهم في امر فيبدأك بقوله مالنا ومال الكلام ده ظنا منه انك بصاص فقد امتلات القلوب بالخوف حتى شك الرجل في لبنه والاخ في شقيقه وهذا الذي امات الافكار واورث الذل والرعب وصيرنا لعبة في ايدي الاجانب

ومنها امتداد عين الحكومة السابقة لمال الرعية وتفننها في طرق السلب وانهب حتى صار

الغني يظهر الفقر ويلبس خلق الثياب ويحذر من اتساع تجارته او فتح بيته خوفاً من علم الحكومة به فترسل له احد المحتالين يخوفه ويهدده حتى يتخلص بجانب من ماله وقد بقى لهذا الامر السيء بقية في النفوس مع علمهم بطهارة نفس خديوينا وبراءته من حقوق العباد وبعده من مس شي من ثروتهم فترى الرجل او لامر خيري واذا دعي للدخول فيها اظهر الفقر واعتذر بعدم الاقتدار وحلف على ذلك ايماناً وهو غير صادق

ومنها تقدم الاجنبي على الوطني في كل اموره وعدم التعرض له بشي من الجزاء وان اساء ومعاقبة الوطني وان كان محقاً فترى الرجل يشتم دينه ومذهبه ووالداه وهو لا يتحرك ولا يتكلم بغير قوله معلهش يا خواجا ولو علم الناس ان مجلس المخالفات وجد لمحاكمة الاجنبي مع الوطني واخذ الحقوق بنص القانون ما سكت عظيم منا لحقير منهم خوفاً من ظلم الحكومة وعدم عدالتها واظن ان الناس جميعاً يعلمون حرص مولاي الخديوي على حفظ ناموس الرعية وحقوقها وهذا مما يوقفهم عند حدودهم ويسير بهم في طريق التقدم واحسان