الدهور وتعاقب الجبارين وعلمت انها كالاغنام تساق بعصا الراعي ولا تدري ما يراد منا ولا لاي ارض تساق يحلب ضرعها ويجز صوفها ويوكل الطيب منها ولا حق لها الا ورود الماء ورعي الحشائش وهذه الرؤيا تخالف ماهي عليه وتضاد ما تطبعت به
فلما عاودت السرى في الوجود رأت نوراً عم الانظار وكشف الحقائق واظهر المخبأ فاهتدى الناس لكثير من الصنائع والعلوم وقيدت الحكومات بمجالس تحفظ الامة من سلطة الجور وتوطد الامن في القرى والمدن وتحفظ الحدود بالجنود والعهود بحسن السبرة وقد تمكنت منهم المدنية وحفظت الاعراض والارواح والاموال واصبحت ملوكهم تباهي بهم الامم وتفاخر الممالك فلما رجعت من تطوافها قابلت ما رأته بما هي فيه فرأت حاكما شديد البطش بعيداً عن الحق مغرماً بسفك الدماء مولعاً بهتك الاعراض مجداً في نهب الاموال لايبيح لاحد حق التكلم في السياسة ولا يريحه رائحة العدل ولا يمكنه من الامن على نفسه ولا يجيز له التمتع بما اختص به ولا يعارض حتى فيما يقول وان ادى لخراب الديار ودمار الملك فعدت روياها من اضغاث الاحلام وسارت في ارضها يمزق جلدها الكراج وينحل جسمها السجن ويخرب بيتها التشريد ولا سلاح لها الا الحوقلة ولا ذكر الى الحمد له واهلها واقفون في طريق الهوان كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو
ثم نامت نومة كادت تاكل الارض فيها اجسامها فرأت ما لاعين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من عمران امتد في انحاء المسكونة وتنوير افكار لم يترك لسوط الاستبداد اثراً وسمعت ان فرنسا تريد هدم قصر فيها لكونه من بقايا الاستبداد حتى لا ترى ابناؤها اثراً لما جلب على اجدادهم المصائب واوقعهم في شر العبودية فحدثت نفسها بقص روياها على خبير وبينما هي تقدم رجلاً وتؤخر اخرى ايقظها ينادي العدل بالاسم التوفيقي وموجد الحرية بالعلم المحمدي فكادت تنكر وجودها اذ رأت نفسها في ضياء لا تعقبه ظلمة ومتسع لا مضيق فيه فقصت رؤياها على عليم بالتعبير فقال لها اي مسكينة ان الذي رأيته
اولاً هو الممالك التي قيدت الامم بالقوانين ونشرتها بين افراد الرعية حتي عرفكل انسان مايجب له وعليه وحفظت لنفسها حق السلطة والانفراد بتنفيذ الاحكام.
والرؤيا الثانية هي الممالك التي قيدت الامة والملك بالشورى فهي تنظر في مصلحتها وتسن من القوانين ما يوافق مذهبها ويلايم مشربها ويسير بالامة في طريق مبدؤ الاخاء وغايته التساوي وفي وسطه نهر الحرية ويروي منه كل ظماءن
وانها لرؤيا صادقة تنطق بما ابرزته العناية الالهية وافاضته على ملولاك العادل المنصف