للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- ٣٦ -

الحجة رفعناه الى منبر الانامل ليخطب السطور بما تنشرح به صدور الطروس وان هذراق خلط سلطنا عليه سكين الغيظ تريه وتجعله شظايا وبقرنا بطن الدواة في حجر الاوراق ليكون المداد ثوب حداد على ضياع الاداب وفقد الالباب: فانه يقول

كتبت فيما مضى ان الحيوان اذا نفر من الحضر وتبدى جهل الانس ومال الى الغلظه والقسوة وصار وحشاً مفترساً يخاطر بنفسه في القفار والكهوف والمغارات ويحملها على تحمل مشاق الجوع والظماء والحر والبرد والوحده الوحشه لايبالي في ذلك مات حينه او غده وهذا الحد الذي وصله يحرمه من وصف التمدن ويطلق عليه اسم التوحش. فأنه انف من الاقامه في المدن ورضى في شوامخ الجبال بدل القصور العاليه وبمسارب الشعوب بدل الشوراع المنظمه وبالفيافي الشاسعه بدل الرياض الزاهرة وبالكهوف الغائرة بدل الحصون المشيدة. وبالوحدة الموحشة بدل الاجتماع الادبي. وبالكساء الطبيعي بدل الثياب المصنوعة. وبالادراك الفطري بدل المعارف المؤلفة. وبالغذاء المباح بدل الاطعمة

المحجور عليها الا ان هذا المسكين لم يجن ذنباً يعاقب عليه ولم يقترف سيئة تقضي بالانتقام منه. ولا فعل مع الانسان ما يبيح سجنه او تعذيبه ومع ذلك فانه محل الذم مع براته منه العجو مع طهارة عرضه يقتل في أي مكان وجد وان لم يكن مجرماً ويوسر عند التمكن منه وان لم يحارب ويذبح بلا جناية ولا حكم وبطر من اوطانه ظلماوهو المختظ لها التعب في بنائها يظنه الانسان قوياً وهو يطرد بعصا الاغنام ويراه شديداً وهو اضعف من الاوهام ولست ادري بماذا حكم عن هذا الضعيف التوحش بعد تسلط الانسان عليه ومن وسمه بالقوة بعد صيدوه بتوفيق السهام اليه. ومن عرفه بالمختال بعد بعده عن العمران لو انصفتة الحال وساعدته الايام لسمي زاهداً في الوجود او خائفاً من الذل والعبودية او كارهاً للتعصب او راضياً ليكفاف او محبا ًليراحة الفكر او موتنسا بنفسه او قانعا بنصيبه او حذرا من شر الاجتماع وسطوة عظماء العصبية او ما شاكل ذالك مما تقتضيه العزلة والبعد عن المنغصات. ولكنه تعصب عليه الانسان فرماه بكل ما قدر عليه من القبائح على انه ماشن غارةً على مدينة ولا نازع ملكاً في ملكه ولا عارض اميراً في حكمه ولا احدث ثورةً في امة بالهو النائم في كنه السارح في ساحته الراضي بمطعوم ارضه ونور سمائه. وما تعلم الاغتيال والهجوم الا من الانسان فانه يدخل عليه في ارضه بغير اذنه ويناوشه في حجره بلا حق ويخرجه من دياره من غير بيع ولا اسئجار وان راه ماشياً في سبيله غير متعرض لاساءه احد الى ان يتركه ممتعاً بحياته الطيبة وقتله غيلةً او اسره بغتة فمن هذا التعدي تعلم المدافعة. ويطمع الانسان عرف