للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعتمد الزجاج هذا القول، ويؤيده قوله: ﴿وَمَآ أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً﴾ [التوبة: الآية: ٣١] وقوله: ﴿وَمَآ أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: الآية: ٥]. قال ابن عباس: ليقرّوا لي بالعبودية طوعاً أو كرهاً.

ووجه الآية في الجملة أنّ الله تعالى لم يخلقهم للعبادة خلق جبلة وإجبار وإنّما خلقه لهم خلق تكليف واختيار، فمن وفّقه وسدّده أقام العبادة التي خُلق لها، ومن خذله وطرده حرمها وعمل بما خلق لها" (١).

• قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ) : "ولكن عبادته وحده حق استحقه عليهم لذاته، كما قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون (٥٦) ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون (٥٧) إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين (٥٨)[الذاريات: ٥٦ - ٥٨]، فأخبر أنه إنما خلق الخلق لعبادته، وأخبر أن الذي خلقه لهم وأمره بهم ورضيه وأحبه وأراده بأمره منهم هو عبادته، لم يرد منهم رزقا ولا أن يطعموه، والرزق يعم كل ما ينتفع به الحي ظاهرا وباطنا، فلم يرد منهم ما يريده السادة والمخلوقون من عبادهم، من جلب المنفعة إليهم التي هي الرزق.

• قال تعالى: ﴿ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون (٧٤) ونزعنا من كل أمة شهيدا﴾ [القصص الآية: ٧٤ - ٧٥].

• قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ) : "فأخبر تعالى أنهم علموا يومئذ أن الحق لله، وأن أولئك الشركاء الذين اتخذوهم من دون الله لم يكن لهم في ذلك الحق شي، بل كان دعواهم أن لهم حقا افتراء افتروه، فضل عنهم وقت الحقيقة ما افتروه" (٢).


(١) تفسير الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي (تفسير سورة الذاريات الآية: ٥٦).
(٢) جامع المسائل ١/ ٢٣٦ - ٢٣٧.

<<  <   >  >>