للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البراءة واقتسام ديني التوحيد والشرك بينه وبينهم، ورضى كل بقسمه، وكان المحق هو صاحب القسمة، وقد أبرز النصيبين وميز القسمين، وعلم أنهم راضون بقسمهم الدون، الذي لا أردأ منه ولا أدون، وأنه هو قد استولى على القسم الأشرف والحظ الأعظم، بمنزلة من اقتسم هو وغيره سما وشفاء، فرضي مقاسمة بالسم، فإنه يقول له: لا تشاركني في قسمي، ولا أشاركك في قسمك، لك قسمك، ولي قسمي.

فتقدم ذكر قسمه هنا أحسن وأبلغ، كأنه يقول: هذا هو قسمك الذي آثرته بالتقدم وزعمت أنه أشرف القسمين، وأحقهما بالتقديم، فكان في تقديم ذكر قسمه من التهكم بهم، والنداء على سوء اختيارهم، وقبح ما رضوه لأنفسهم من الحسن والبيان، ما لا يوجد في ذكر تقديم قسم نفسه، والحاكم في هذا هو الذوق. والفطن يكتفي بأدنى إشارة، وأما غليظ الفهم فلا ينجع فيه كثرة البيان" (١).

[المطلب الحادي عشر بعد المائة: أهل التوحيد هم خير البرية.]

• قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ [البينة: الآية: ٧].

• عن أبي هريرة (ت: ٥٨ هـ) -قال: أتعجبون من منزلة الملائكة من الله؟ والذي نفسي بيده لمنزلة العبد المؤمن عند الله يوم القيامة أعظم من منزلة ملك، واقرءوا إن شئتم ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية﴾ [البينة: الآية: ٧].


(١) التفسير القيم ص ٥٩٦.

<<  <   >  >>