للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وينهى عن الظلم. وأصل العدل هو القسط، والقسط هو الإقساط في حق الله تعالى بأن لا يعدل به غيره ولا يجعل له شريك، كما قال النبي لمعاذ (ت: ١٨ هـ): «حق الله على عباده أن يعبدوه لا يشركون به شيئا» فإذا لم يسلموا له بل عدلوا به غيره كان ذلك ظلما عظيما، وإذا فعلوا هذا الظلم في حق الله فهم في حقوق العباد أظلم" (١).

• وقيل في بعض المواعظ: "عجبا لمن يخاف العقاب كيف لا يكف عن المعاصي، وعجبا لمن يرجو الثواب كيف لا يعمل" (٢).

المطلب الثامن والتسعون: التوحيد مركوزٌ في الفِطَر والشرك طارئ ودخيل عليها.

• قال الحسين بن مسعود البغوي (ت: ٥١٦ هـ) : "ولكن لا عبرة بالإيمان الفطري في أحكام الدنيا، وإنَّما يعتبر الإيمان الشرعي المأمور به المكتسَب بالإرادة والفعل، ألَا ترى أنه يقول: «فأبواه يهوِّدانه»؟ فهو مع وجود الإيمان الفطري فيه محكومٌ له بحكم أبويه الكافرين، وهذا معنى قوله-: «يقول الله-تعالى-: إني خلقتُ عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم»، ويحكى معنى هذا عن الأوزاعي (ت: ١٥٧ هـ)، وحماد بن سلمة (ت: ١٦٧ هـ)، وحُكِي عن عبد الله بن المبارك (ت: ١٨١ هـ)، أنه قال: معنى الحديث: أن كل مولود يولد على فطرته؛ أي: على خلقته التي جُبِل عليها في علم الله-تعالى-من السعادة أو الشقاوة، فكلٌّ منهم صائرٌ في العاقبة إلى ما فطر عليها، وعامل في الدنيا بالعمل


(١) الداء والدواء ص: ١٨٢.
(٢) أدب الدنيا والدين ١/ ١٢١.

<<  <   >  >>