للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السنة كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ليس فيها من جدعاء فإن المال والبنون ينفعانه بما تصرف فيهما من خير" (١).

[المطلب الثلاثون: التوحيد أصل والعمل فرع.]

• قال الله-﷿-لرسوله: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [محمد: الآية: ١٩].

قال سهل التستري (ت: ٢٨٣ هـ) : "أصل عمل المؤمن كلمة التوحيد، وهو أصل ثابت، وفرعه وهو عمله مرفوع إلى السماء مقبول، إلا أن فيه خللا وإحداثا، ولكن لا يزول أصل عمله، وهو كلمة التوحيد، كما أن الرياح تزعزع أغصان النخلة، ولا يزول أصلها، … وليس في خزائن الله أكبر من التوحيد" (٢).

• قال فخر الدين الرازي (ت: ٦٠٦ هـ) : "اعلم أن الله تعالى قدم الأمر بمعرفة التوحيد على الأمر بالاستغفار، والسبب فيه: أن معرفة التوحيد إشارة إلى علم الأصول، والاشتغال بالاستغفار إشارة إلى علم الفروع، والأصل يجب تقديمه على الفرع، فإنه ما لم يعلم وجود الصانع امتنع القيام بطاعته وخدمته. وهذه الدقيقة معتبرة في آيات كثيرة.

ومنها: أن إبراهيم لما اشتغل بالدعاء قدم المعرفة على الطاعة

فقال: ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [الشعراء: الآية: ٨٣]، فقوله: ﴿هب لي حكمًا﴾ إشارة إلى استكمال القوة النظرية بمعرفة حقائق الأشياء،


(١) نظم الدرر في تناسب الايات والسور للبقاعي. (الشعراء: الآية: ٨٩) ..
(٢) تفسير التستري ص ٨٧.

<<  <   >  >>