للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• قال ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ) : "والمقصود أن الشرك لما كان أظلم الظلم، وأقبح القبائح، وأنكر المنكرات، كان أبغض الأشياء إلى الله وأكرهها له، وأشدها مقتا لديه، ورتب عليه من عقوبات الدنيا والآخرة ما لم يرتبه على ذنب سواه، وأخبر أنه لا يغفره، وأن أهله نجس، ومنعهم من قربان حرمه، وحرم ذبائحهم ومناكحهم، وقطع الموالاة بينهم وبين المؤمنين، وجعلهم أعداء له سبحانه ولملائكته ورسله وللمؤمنين، وأباح لأهل التوحيد أموالهم ونساءهم وأبناءهم، وأن يتخذوهم عبيدا. وهذا لأن الشرك هضم لحق الربوبية، وتنقص لعظمة الإلهية، وسوء ظن برب العالمين، كما قال تعالى: ﴿ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا﴾ [الفتح: الآية: ٦].

فلم يجمع على أحد من الوعيد والعقوبة ما جمع على أهل الإشراك؛ فإنهم ظنوا به ظن السوء حتى أشركوا به، ولو أحسنوا به الظن لوحدوه حق توحيده، ولهذا أخبر سبحانه عن المشركين أنهم ما قدروه حق قدره في ثلاثة مواضع من كتابه؛ وكيف يقدره حق قدره من جعل له عدلا وندا يحبه، ويخافه، ويرجوه، ويذل له، ويخضع له، ويهرب من سخطه، ويؤثر مرضاته؟

قال تعالى: ﴿ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله﴾ [البقرة: الآية: ١٦٥]، وقال تعالى: ﴿الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون﴾ [الأنعام: الآية: ١]؛ أي يجعلون له عدلا في العبادة والمحبة والتعظيم" (١).


(١) إغاثة اللهفان ١/ ١٠١ - ١٠٢.

<<  <   >  >>