للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قدحت في كماله، وأثرت فيه ضعفا وفتورا في العزيمة والطلب، وهي تحجب الواصل، وتقطع الطالب، وتنكس الراغب، فلا تصح الموالاة إلا بالمعاداة كما قال تعالى عن إمام الحنفاء المحبين أنه قال لقومه: ﴿أفرأيتم ما كنتم تعبدون - أنتم وآباؤكم الأقدمون - فإنهم عدو لي إلا رب العالمين﴾ [الشعراء: الآيات: ٧٥ - ٧٧].

فلم يصح لخليل الله هذه الموالاة والخلة إلا بتحقيق هذه المعاداة، فإنه لا ولاء إلا بالبراءة من كل معبود سواه، قال تعالى: ﴿قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده﴾ [الممتحنة: الآية: ٤].

وقال تعالى: ﴿وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين - وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون﴾ [الزخرف: الآيات: ٢٦ - ٢٨].

أي جعل هذه الموالاة لله، والبراءة من كل معبود سواه كلمة باقية في عقبه يتوارثها الأنبياء وأتباعهم بعضهم عن بعض وهي كلمة: لا إله إلا الله، وهي التي ورثها إمام الحنفاء لأتباعه إلى يوم القيامة" (١).

• قال الإمام ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ) : "وإذا ثقُل الظهر بالأوزار منع القلب من السير إلى الله، والجوارح من النهوض في طاعته، وكيف يقطع مسافة السفر مُثقلٌ بالحمل على ظهره! وكيف ينهض إلى الله قلبٌ قد أثقلته الأوزار! فلو وُضعت عنه أوزاره لنهض وطار شوقاً إلى ربه، ولانقلب عسره يسراً" (٢).


(١) الجواب الكافي ص ١٩٥.
(٢) الكلام في مسألة السماع ص ٢٧٨.

<<  <   >  >>