للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتحجبه عنه الحواجب فلا يرى عابده ولا يسمع كلامه ولا يعلم حاله ولا ينفعه ولا يضره بسبب ولا غيره فأي وجه لعبادة من يأفل. وكلما حقق العبد الإخلاص في قول: لا إله إلا الله خرج من قلبه تأله ما يهواه وتصرف عنه المعاصي والذنوب كما قال تعالى: ﴿كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين﴾ [يوسف: الآية: ٢٤]. فعلل صرف السوء والفحشاء عنه بأنه من عباد الله المخلصين وهؤلاء هم الذين قال فيهم: ﴿إن عبادي ليس لك عليهم سلطان﴾ [الحجر: الآية: ٤٢]، وقال الشيطان: ﴿قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين﴾ [ص: الآية: ٨٢]، ﴿إلا عبادك منهم المخلصين﴾ [ص: الاية: ٨٣]. وقد ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال: «من قال لا إله إلا الله مخلصا من قلبه حرمه الله على النار». فإن الإخلاص ينفي أسباب دخول النار؛ فمن دخل النار من القائلين لا إله إلا الله لم يحقق إخلاصها المحرم له على النار؛ بل كان في قلبه نوع من الشرك الذي أوقعه فيما أدخله النار والشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل؛ ولهذا كان العبد مأمورا في كل صلاة أن يقول: ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾ [الفاتحة: الآية: ٥]. والشيطان يأمر بالشرك والنفس تطيعه في ذلك فلا تزال النفس تلتفت إلى غير الله. إما خوفا منه. وإما رجاء له فلا يزال العبد مفتقرا إلى تخليص توحيده من شوائب الشرك. وفي الحديث الذي رواه ابن أبي عاصم وغيره عن النبي أنه قال: «يقول الشيطان: أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء فهم يذنبون ولا يستغفرون؛ لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا» " (١).

• قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ) : "وقال الشيطان فيما أخبر الله


(١) مجموع الفتاوى ١٠/ ٢٦٠ - ٢٦١.

<<  <   >  >>