للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو ممن جاء به، وثبت عليه شكره لفقره من النعم، والتيسير له نعمة عظيمة يقتضي الشكر لها بالإنهاء على المعاصي، وإتباع الإيمان حقوقه، لأن الإيمان بالله عهد بينه وبين العبد ولكل عهد وفاء. فالوفاء بالإيمان إتباعه ما بعده.

فإن قيل: إلا قلتم إن أولي النعم أولاها بالشكر، هو الحياة ثم العقل والبيان.

قيل: لأن هذه النعم كلها لتكون من المنعم عليه بها الإيمان، فصح إن أفضل النعم الإيمان، فمن شكر لله تعالى تيسيره للإيمان، فقد شكر عامة ما كان الإيمان به، فصارت هذه النعم التي ذكرتها ذا صلة في الشكر والله أعلم" (١).

• قال ابن عطية (ت: ٥٤٢ هـ) : "ومعنى الآية: التذكير بأن الإنسان في جليل أمره ودقيقه، إنما هو في نعمة الله وأفضاله، إيجاده داخل في ذلك فما بعده، ثم ذكر تعالى بأوقات المرض، لكون الإنسان الجاهل يحس فيها قدر الحاجة إلى لطف الله تعالى" (٢).

• وقال فخر الدين الرازي (ت: ٦٠٦ هـ) : "والمعنى: أنه تعالى بين أن جميع النعم من الله تعالى، ثم إذا اتفق لأحد مضرة توجب زوال شيء من تلك النعم فإلى الله يجأر، أي لا يستغيث أحدا إلا الله تعالى لعلمه بأنه لا مفزع للخلق إلا هو، فكأنه تعالى قال لهم فأين أنتم عن هذه الطريقة في حال الرخاء والسلامة؟ " (٣).

• ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ) -شارحًا حديث: «سلوا الله العفو


(١) المنهاج في شعب الإيمان للحليمي ٢/ ٥٥٤.
(٢) تفسير ابن عطية (سورة النحل: الآية: ٥٣).
(٣) تفسير الرازي (سورة النحل: الآية: ٥٣).

<<  <   >  >>