للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو سبحانه إنما يحب ما أمر به وما عمل لوجهه. وما عدا ذلك من الأعمال فإنه لا يحبها، بل يمقتها ويمقت أهلها.

• قال تعالى: ﴿الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا﴾ [الملك: ٢]. قال الفضيل [٣٥٠/ ب] بن عياض: هو أخلص العمل وأصوبه. فسئل عن معنى ذلك، فقال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا. فالخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة. ثم قرأ قوله: ﴿فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا﴾ [الكهف: الآية: ١١٠] (١).

فإن قيل: فقد بان بهذا أن العمل لغير الله مردود غير مقبول، والعمل لله وحده مقبول. فبقي قسم آخر، وهو أن يعمل العمل لله ولغيره، فلا يكون لله محضا ولا للناس محضا، فما حكم هذا القسم؟ هل يبطل العمل كله أم يبطل ما كان لغير الله، ويصح ما كان لله؟

قيل: هذا القسم تحته أنواع ثلاثة:

أحدها: أن يكون الباعث الأول على العمل هو الإخلاص، ثم يعرض له الرياء وإرادة غير الله في أثنائه. فهذا المعول فيه على الباعث الأول، ما لم يفسخه بإرادة جازمة لغير الله؟ فيكون حكمه حكم قطع النية في أثناء العبادة وفسخها، أعني قطع ترك استصحاب حكمها.

الثاني عكس هذا، وهو أن يكون الباعث الأول لغير الله، ثم يعرض له قلب النية لله، فهذا لا يحتسب له بما مضى من العمل، ويحتسب له من حين قلب نيته. ثم إن كانت العبادة لا يصح آخرها إلا


(١) رواه ابن أبي الدنيا في «الإخلاص والنية» (٢٢)، وأبو نعيم في «الحلية» (٨/ ٩٥) دون الآية الأخيرة.

<<  <   >  >>