للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظن، فأحسن العمل؛ وأما الكافر والمنافق، فأساءا الظن فأساءا العمل" (١).

• قال ابن القيم (ت: ٧٥١ هـ) : "فالشرك والتعطيل مبنيان على سوء الظن بالله، ولهذا قال إمام الحنفاء لخصمائه من المشركين: ﴿أئفكا آلهة دون الله تريدون (٨٦) فما ظنكم برب العالمين﴾ [الصافات: الآيات: ٨٦، ٨٧]، وإن كان المعنى: ما ظنكم به أن يعاملكم ويجازيكم به، وقد عبدتم معه غيره، وجعلتم له ندا؟ فأنت تجد تحت هذا التهديد: ما ظننتم بربكم من السوء حتى عبدتم معه غيره؟

فإن المشرك إما أن يظن أن الله سبحانه يحتاج إلى من يدبر أمر العالم معه من وزير أو ظهير أو عون، وهذا أعظم التنقيص لمن هو غني عن كل ما سواه بذاته، وكل ما سواه فقير إليه بذاته، وإما أن يظن أنه سبحانه إنما تتم قدرته بقدرة الشريك، وإما أن يظن بأنه لا يعلم حتى يعلمه الواسطة، أو لا يرحم حتى تجعله الواسطة يرحم، أو لا يكفي وحده، أو لا يفعل ما يريد بالعبد حتى يشفع عنده الواسطة، كما يشفع المخلوق عند المخلوق، فيحتاج أن يقبل شفاعته لحاجته إلى الشافع وانتفاعه به، وتكثره به من القلة، وتعززه به من الذلة، أو لا يجيب دعاء عباده، حتى يسألوا الواسطة أن ترفع تلك الحاجات إليه، كما هو حال ملوك الدنيا، وهذا أصل شرك الخلق، أو يظن أنه لا يسمع دعاءهم لبعده عنهم، حتى ترفع الوسائط إليه ذلك، أو يظن أن للمخلوق عليه حقا؛ فهو يقسم عليه بحق ذلك المخلوق عليه، ويتوسل إليه بذلك المخلوق، كما يتوسل الناس إلى الأكابر والملوك بمن يعز عليهم ولا يمكنهم مخالفته.


(١) تفسير الطبري (سورة فصلت الآية: ٢٣).

<<  <   >  >>