للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• عَنْ سَعْد بن أبي وقاص (ت: ٥٥ هـ) ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ» (١).

• قيل لسعيد بن جبير (ت: ٩٥ هـ) : من أعبد الناس؟ فقال: رجل اقترف ذنبًا فكلما ذكر ذنبه احتقر عمله وانكسر لربه" (٢).

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ) : "فصاحب الحوت ومن أشبهه، لماذا ناسب حالهم صيغة الوصف والخبر دون صيغة الطلب؟

فيقال: لأن المقام مقام اعتراف بأن ما أصابني من الشر كان بذنبي، فأصل الشر هو الذنب، والمقصود دفع الضر، والاستغفار جاء بالقصد الثاني، فلم يذكر صيغة طلب كشف الضر لاستشعاره أنه مسيء ظالم، وهو الذي أدخل الضر على نفسه، فناسب حاله أن يذكر ما يرفع سببه من الاعتراف بظلمه، ولم يذكر صيغة طلب المغفرة؛ لأنه مقصود للعبد المكروب بالقصد الثاني؛ بخلاف كشف الكرب فإنه مقصود له في حال وجوده بالقصد الأول، إذ النفس بطبعها تطلب ما هي محتاجة إليه من زوال الضرر الحاصل في الحال، قبل طلبها زوال ما تخاف وجوده من الضرر في المستقبل بالقصد الثاني، والمقصود الأول في هذا المقام هو المغفرة، وطلب كشف الضر، فهذا مقدم في قصده وإرادته، وأبلغ ما ينال به: رفع سببه، فجاء بما يحصل مقصوده … " (٣).


(١) رواه الترمذي (٣٥٠٥)، والإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٦٥)، وحسنه محققو المسند، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (٢/ ٢٨٢).
(٢) البداية والنهاية: ٩/ ٩٩.
(٣) مجموع الفتاوى (١/ ٢٤٧ - ٢٤٨).

<<  <   >  >>