للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى إلفة النفس. كما قال النبي «حتى تذوقي عسيلته. ويذوق عسيلتك» فللإيمان طعم وحلاوة يتعلق بهما ذوق ووجد. ولا تزول الشبه والشكوك عن القلب إلا إذا وصل العبد إلى هذه الحال. فباشر الإيمان قلبه حقيقة المباشرة. فيذوق طعمه ويجد حلاوته" (١).

• قال ابن رجب (ت: ٧٩٥ هـ) : "عن أنس، عن النبي قال: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار» (٢). وقد خرجه مسلم وعنده في رواية: «فقد وجد طعم الإيمان» (٣)، وجاء في رواية: «وجد طعم الإيمان وحلاوته».

فهذه الثلاث خصال من أعلى خصال الإيمان، فمن كملها فقد وجد حلاوة الإيمان وطعم طعمه، فالإيمان له حلاوة وطعم يذاق بالقلوب كما يذاق حلاوة الطعام والشراب بالفم، فإن الإيمان هو غذاء القلوب وقوتها كما أن الطعام والشراب غذاء الأبدان وقوتها، وكما أن الجسد لا يجد حلاوة الطعام والشراب إلا عند صحته فإذا سقم لم يجد حلاوة ما ينفعه من ذلك، بل قد يستحلي ما يضره وما ليس فيه حلاوة لغلبة السقم عليه، فكذلك القلب إنما يجد حلاوة الإيمان من أسقامه وآفاته، فإذا سلم من مرض الأهواء المضلة والشهوات المحرمة وجد حلاوة الإيمان حينئذ، ومتى مرض وسقم لم يجد حلاوة الإيمان، بل يستحلي ما فيه هلاكه من الأهواء والمعاصي" (٤).


(١) بغية الملتمس ص: ٥١٣.
(٢) أخرجه البخاري (١٦)، ومسلم (٤٣).
(٣) أخرجه مسلم ٤٣/ ٦٨.
(٤) فتح الباري لابن رجب ١/ ٥٠.

<<  <   >  >>