للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: "لا يَجتمِعان"، أي: الرَّجاءُ والخوفُ مِنْ اللهِ، "في قلبِ عبدٍ في مثلِ هذا الموطنِ"، أي: عندَ قُربِ موتِه، "إلَّا أعطاه اللهُ ما يَرْجو وآمَنه ممَّا يَخافُ"، أي: إنَّ اللهَ يُعطيه ما يَرْجوه مِنْ عَفْوِه ودخولِ الجنَّةِ، ويُؤمِّنُه ممَّا يَخافُه؛ مِنْ النَّارِ.

وفي الحديث: بيانُ فَضلِ الخوفِ والرَّجاءِ مِنْ اللهِ تعالى، وأنَّهما سببٌ للنَّجاةِ من النارِ ودُخولِ الجنَّةِ؛ لأنَّهما يحثَّانِ الإنسانِ على حُسنِ العَملِ مع حُسنِ الاعتقادِ في اللهِ.

قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ) : "فالرجاء ينبغي أن يتعلق بالله، ولا يتعلق بمخلوق ولا بقوة العبد ولا عمله، فإن تعليق الرجاء بغير الله إشراك، وإن كان الله قد جعل لها أسبابا فالسبب لا يستقل بنفسه، بل لا بد له من معاون، ولا بد أن يمنع المعارض المعوق له وهو لا يحصل ويبقى إلا بمشيئة الله تعالى.

ولهذا قيل: الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسبابا نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع.

ولهذا قال الله تعالى: ﴿فإذا فرغت فانصب﴾ [الشرح: الآية: ٧] ﴿وإلى ربك فارغب﴾ [الشرح: الآية: ٨] فأمر بأن تكون الرغبة إليه وحده، وقال: ﴿وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين﴾ [المائدة: الآية: ٢٣] فالقلب لا يتوكل إلا على من يرجوه، فمن رجا قوته أو عمله أو علمه أو أو صديقه أو قرابته أو شيخه أو ملكه أو ماله غير ناظر إلى الله كان فيه نوع توكل على ذلك السبب، وما رجا أحد مخلوقا أو توكل عليه إلا خاب ظنه فيه فإنه مشرك: ﴿ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان

<<  <   >  >>