للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن كان فى الأعمال الصالحة ما هو على خلاف هوى النفس، والله سبحانه يأجر العبد على الأعمال المأمور بها مع المشقة، كما قال تعالى: ﴿ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب﴾ الآية [التوبة: الآية: ١٢٠]، وقال--لعائشة (ت: ٥٨ هـ) : «أجرك على قدر نصبك» فليس ذلك هو المقصود الأول بالأمر الشرعى، وإنما وقع ضمنا وتبعا لأسباب ليس هذا موضعها، وهذا يفسر فى موضعه.

ولهذا لم يجئ فى الكتاب والسنة وكلام السلف إطلاق القول على الإيمان والعمل الصالح: أنه تكليف، كما يطلق ذلك كثير من المتكلمة والمتفقهة، وإنما جاء ذكر التكليف فى موضع النفى، كقوله: ﴿لا يكلف الله نفسا إلا وسعها﴾ [البقرة: الآية: ٢٨٦]، ﴿لا تكلف إلا نفسك﴾ [النساء: الآية: ٨٤]، ﴿لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها﴾ [الطلاق: الآية: ٧] أى: وإن وقع فى الأمر تكليف، فلا يكلف إلا قدر الوسع، لا أنه يسمى جميع الشريعة تكليفا، مع أن غالبها قرة العيون وسرور القلوب؛ ولذات الأرواح وكمال النعيم، وذلك لإرادة وجه الله والإنابة إليه، وذكره وتوجه الوجه إليه، فهو الإله الحق الذى تطمئن إليه القلوب، ولا يقوم غيره مقامه فى ذلك أبدا. قال الله تعالى: ﴿فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا﴾ [مريم: الآية: ٦٥] " (١).

• قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ) : "فالذي شرعه الله ورسوله توحيد وعدل وإحسان وإخلاص وصلاح للعباد في المعاش والمعاد، وما لم يشرعه الله ورسوله من العبادات المبتدعة فيه شرك وظلم وإساءة وفساد العباد في المعاش والمعاد" (٢).


(١) قاعدة جامعة في توحيد الله وإخلاص الوجه والعمل له عبادة واستعانة ص ٣٦ - ٣٧.
(٢) مجموع الفتاوى ١/ ١٩٥.

<<  <   >  >>