• قال تعالى: ﴿رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا﴾ [مريم: الآية: ٦٥].
قال ابن عباس (ت: ٦٨ هـ)﵄: "شبها ومثلا، وهو من يساميه. وذلك نفي عن المخلوق أن يكون مشابها للخالق ومماثلا له، بحيث يستحق العبادة والتعظيم، ولم يقل سبحانه: هل تعلمه سميا أو مشبها لغيره، فإن هذا لم يقله أحد، بل المشركون المشبهون جعلوا بعض المخلوقات مشابها له مساميا وندا وعدلا، فأنكر عليهم هذا التشبيه والتمثيل.
وكذلك قوله: ﴿ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون (٧٣) فلا تضربوا لله الأمثال﴾ [النحل: الآيات: ٧٣، ٧٤]، فنهاهم أن يضربوا له مثلا من خلقه، ولم ينههم أن يضربوه هو مثلا لخلقه، فإن هذا لم يقله أحد، ولم يكونوا يفعلونه، فإن الله سبحانه أجل وأعظم وأكبر من كل شيء في فطر الناس كلهم، ولكن المشبهون المشركون يغلون فيمن يعظمونه، فيشبهونهم بالخالق، والله تعالى أجل في صدور جميع الخلق من أن يجعلوا غيره أصلا، ثم يشبهونه سبحانه بغيره.
فإن الذي يشبهه بغيره: إن قصد تعظيمه لم يكن في هذا تعظيم، لأنه مثل أعظم العظماء بما هو دونه، بل بما ليس بينه نسبة في العظمة والجلالة، وعاقل لا يفعل ذلك.
وإن قصد التنقص شبهه بالناقصين المذمومين، لا بالكاملين الممدوحين.
ومن هنا يعلم أن إثبات صفات الكمال له لا يتضمن التشبيه والتمثيل، لا بالكاملين ولا بالناقصين، وأن نفي تلك الصفات يستلزم