للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ) : "والقرآن فيه من ذِكْر أسماء الله وصفاته وأفعاله أكثر مما فيه من ذِكر الأكل والشُّرب والنكاح في الجنة، والآياتُ المتضمنة لذكر أسماء الله وصفاته أعظمُ قدرًا من آيات المعاد؛ فأعظمُ آيةٍ في القرآن آيةُ الكرسي المتضمنة لذلك … ، وأعظم سورةٍ سورةُ أمِّ القرآن .. " (١).

بل إن أغلب آيات الأحكام تختم بذكر أسماء الله وصفاته، والمتدبِّرُ لكلام الله - جل ذكره - يجد أن الآياتِ المختومةَ ببعض أسماء الله -تعالى- لا تنتهي إلا بما يناسِبُها من الأسماء، ولنكتفِ بمثال واحد؛ قال -تعالى- في سورة المائدة: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: الآيات: ٣٨، ٣٩]، قال الأصمعي - رحمه الله تعالى -: "قرأتُ هذه الآيةَ وإلى جنبي أعرابي، فقلت: والله غفور رحيم - أي بدلاً من "وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" - سهوًا، فقال الأعرابيُّ: كلامُ من هذا؟ قلت: كلامُ الله، قال: أعِدْ، فأعَدْتُ والله غفور رحيم، فقال: ليس هذا كلامَ الله، فتنبَّهْتُ، فقلت: "وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" فقال: أصَبْتَ، هذا كلامُ الله، فقلت: أتقرأُ القرآن؟ قال: لا، فقلت: فمن أين علِمْتَ أني أخطأت؟ فقال: يا هذا، عزَّ فحكَم فقطَع، ولو غفَر ورحِم ما قطَع" (٢).

• قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ) : "والقرآن كله مملوء من تحقيق هذا التوحيد والدعوة إليه، وتعليق النجاة والفلاح، واقتضاء السعادة في الآخرة به. ومعلوم أن الناس متفاضلون في تحقيقه، وحقيقته إخلاص


(١) درء تعارض العقل والنقل، (٣/ ٦١)،
(٢) ذكَر هذه القصة ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - في تفسيره المسمى زاد المسير (تفسير سورة المائدة الآية: ٣٨ - ٣٩)

<<  <   >  >>