عيب) والأول؛ قصدنا به أن ننفي عن الدار أن فيها عيباً أصلا، ونثبت أنها خالية من العيوب. والثاني، قصدنا به أن ليس فيها ما في غيرها من العيب فاعرف ذلك، وقس عليه، فإنه من دقائق علم البيان.
وأما تقديم الحال فنحو (جاء راكباً زيد) وإنما يفعل ذلك لضرب من الاختصاص أيضاً. وهذا بخلاف قولك (جاء زيد راكباً) إذ يحتمل أن نقول: ضاحكا أو ماشياً وغير ذلك.
وأما الاستثناء فجار هذا المجرى، نحو قولك:(ما قام إلا زيداً أحد) وكما قام أحد إلا زيداً، والكلام على ذلك كالكلام على ما سبق. فاعرفه.
وأما الضرب الثاني فهو أن يقدم ما الأولى به التأخير، لأن المعنى يختل بذلك ويضطرب، كتقديم الصفة أو ما يتعلق بها على الموصوف، وتقديم الصلة على الموصول، وتقديم العطف على المعطوف عليه، سواءً كان بياناً أو نسقاً، إلا عطف النسق في الواو وحده، فإنه جائز، نحو قولك (قام عمرو وزيد) وغير ذلك مما برد مشروحاً.
فمن هذا الضرب قول بعضهم:
فقد والشكُّ بَيّنَ لي عناءً ... بوشك فراقهم صُرد يصيح
فإنه قدم (بوشك فراقهم) وهو معمول (يصيح) ويصيح صفة لصرد جارية على صرد، وذلك قبيح، ألا ترى إنه لا يجوز أن يقال (هذا اليوم رجل ورد من موضع كذا) وإنما يجوز وقوع المعمول، بحيث يجوز وقوع العامل، فكما لا يجوز تقديم الصفة على موصوفها، كذلك لا يجوز تقديم ما اتصل بها على موصوفها.
ومن هذا النوع، قول الآخر:
فأصبحت بعد خطّ بَهجتِها، ... كأنَّ قفراً رسومها قَلَما