للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبرويز فقال: (من محمد رسول الله إلى كسرى أبرويز عظيم فارس، سلام الله على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله)، وبعد، فأني رسول الله إلى الناس كافة. لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافروين، فأسلم تسلم وإن أبيت فإثم المجوس عليك) وكتب - عليه السلام - أيضاً إلى قوم من العرب فقال لوائل بن حجر: (من محمد رسول الله إلى الأقبال العباهلة أهل حضرموت بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة على التيعة شاة والتيمة لصاحبها وفي السيوب الخمس لا خلاط ولا وراط ولا شناق ولا شغار ومن أجبى فقد أربى، وكل مسكر حرام). فسهل الألفاظ إلى كسرى أبرويز غاية التسهيل بحيث إنها لا تخفى على من له تشبث باللغة العربية، ولما كتب إلى أولئك القوم من العرب خاطبهم بما تقوى عليه قدرتهم، وهم معتادون لسماع مثله فهذا هو المقصود بقوله - صلى الله عليه وسلم - (خاطبوا الناس على قدر عقولهم)، وليس المقصود من ذلك ما ذهب إليه أبو هلال العسكري (من مخاطبة قوم بالإيجاز، وقوم بالإطناب) الذي هو على قياسه محض التطويل.

وإذا كان الأصل في الكلام إنما هو بيانه ووضوحه فما الفائدة من تطويله، مع القدرة على اختصاره وإيجازه؟!

وأما قوله: (إن الإطناب البلاغة، والتطويل عي) فهو لعمري كذلك، إلا إنه على أصله يكون قد جعل البيان بلاغة؛ لأن الإطناب عنده إنما هو بيان، ويلزم على ذلك أن التطويل في الكلام إذا كان ذا بيان، يكون بليغاً. وهذا ما لم يذهب إليه أحد البتة، لأنه بضد الصواب وأما قوله (إن الإطناب بمنزلة سلوك طريق بعيدة، نزهة، تحتوي على زيادة الفائدة، بما تأخذ النفس فيه من اللذة. والتطويل بمنزلة

سلوك ما يبعد، جهلاً بما يقرب) فإن هذا تمثيل صحيح

<<  <   >  >>