يلبسوا أسنى الملابس، ويظهروا محاسن الزينة، وجلس على سرير مرصّع بالجواهر والى جانبه أسرة، فكلما دخل عليه رجل من أكابر دولته أجلس في الموضع الذي يليق به فما رأى الناس أحسن من ذلك اليوم، فاستأذن إسحاق بن إبراهيم الموصلي في الإنشاد فأذن له، فانشد شعراً ما سمع بأحسن منه في صفته وصفة المجلس إلا أنه استفتح بذكر الديار القديمة وبقية آثارها فقال:
يا دار غيرك البلى ومحاك ... يا ليت شعري ما الذي أبلاكِ؟!
فتطير المعتصم من ذلك وتغامز الناس على إسحاق بن إبراهيم، وعجبوا كيف ذهب عليه مثل ذلك مع علمه ومعرفته وطول خدمته للملوك، ثم أقاموا يومهم وانصرفوا فما عاد منهم اثنان إلى ذلك المجلس، وخرج المعتصم إلى سر من، رأى وخرب القصر، فإذا أراد الشاعر أن يذكر داراً في مديحه فليذكر كما ذكر الخريمي: