الزيادة فهي الذكر والشكر لما أولاه من الجميل وأسداه إليه من الإحسان؛ وذلك واجب ذكره لأنه من فروض الأعيان على المنعم عليه، وأما الإيجاز فهو أن الكلام الثاني اثنتا عشرة كلمة، والكلام الأول سبع عشرة كلمة. ولما جاء أبو نواس صاغ هذا المعنى صياغة أخرى أكثر اختصاراً فقال: -
لا تُسدينَّ إليَّ عارفةً ... حتى أقومَ ببعض ما سلفا
وذلك من بديع هذا الباب.
ومما ورد من هذا الأسلوب قول العرب:(القتل أنفى للقتل) فجاء القرآن الكريم بهذا المعنى وزاد عليه أشياء عجيبة فقال تعالى: (ولكم في القصاص حياة). فما زادت به الآية على قول العرب: أنه ليس كل قتل ينفي القتل، وإنما القتل الذي ينفي القتل ما كان على وجه القصاص والعدل. ففي ذكر الحياة من إيضاح المعنى المرغوب ما ليس في قول العرب:(القتل أنفي للقتل). ومن ذلك أن قوله تعالى:(. . . القصاص حياة) نظير قولهم: القتل أنفي للقتل، و (القصاص حياة) أوجز وأخصر لأن (القصاص حياة) عشرة أحرف، و (القتل أنفي للقتل) أربعة عشر حرفاً، ومن ذلك أن في قولهم:(القتل أنفي للقتل) تكريراً يثقل النطق به على اللسان؛ وليس في قوله تعالى:(القصاص حياة) تكرير. فهذه أربع زيادات تفضل بها الآية على قول العرب؛ وكذلك أيضاً قول بعض الأعراب: -
فحيّ ذوي الأضغان تسب عقولهم ... تحيةَ ذي الحسنى وقدُ برفع النفل
وإن دَحسوا بالقول فاعفُ تكرماً ... وإن كتموا عنك الحديث فلا تسل