فقلت له لما تمطّى بصلبه ... وأردف أعجازاً وناَء بكلكل
وقد قال أبو القاسم بن بشر الآمدي، أن امرأ القيس وصف أحوال الليل الطويل، فذكر امتداد وسطه، وتثاقل صدره، وترادف أعجازه وآخره. فلما جعل له وسطاً ممتداً، وصدراً ثقيلاً، وأعجازاً رادفة لوسطه، استعار له اسم الصلب، وجعله متمطياً من أجل امتداده. واسم الكلكل، وجعله نائياً لتثاقله. واسم العجز، من أجل نهوضه، فقال أبو محمد بن سنان:(إن هذا الذي ذكره أبو القاسم الآمدي، ليس
بمرضي غاية الرضى، وإن بيت امرئ القيس ليس من الاستعارة المبيرة ولا الردية، بل هو وسط. فإن أبا القاسم قد أفصح أن امرأ القيس لما جعل لليل وسطاً ممتداً، استعار له اسم الصلب، وجعله متمطياً من أجل امتداده، وحيث جعل له أخيراً وأولاً، استعار له عجزاً وكلكلاً. وهذا كله إنما يحسن بعضه مع بعض، فذكر الصلب إنما يحسن لأجل العجز. والوسط والتمطي لأجل الصلب. والكلكل لمجموع ذلك. وهذه استعارة مبنية على استعارة أخرى)، هذا حكاية كلام أبي محمد بن سنان، وهو مما أخطأ فيه من وجهين: الأول إنه قال: هذا البيت من الاستعارة الوسط، التي ليست بردية ولا جيدة) ثم جعلها استعارة مبنية على استعارة أخرى. وعنده أن الاستعارة المبنية على الاستعارة من أقبح الاستعارات وأبعدها، فإنه قسم الاستعارة إلى قسمين: قريب مختار، وبعيد مطرح. فالقريب المختار: ما كان بينه وبين ما استعير له تناسب قوي وشبه ظاهر واضح.